تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الواقعة

أهداف سورة الواقعة

سورة الواقعة مكية ، وآياتها 96 آية ، نزلت بعد سورة طه

وهي سورة تصف أهوال القيامة ومشاهد الآخرة ، وتؤكد وقوع العذاب للمكذبين ، ووقوع النعيم للمؤمنين .

وفي هذا اليوم تتبدل أقدار الناس ، وأوضاع الأرض ، في ظل الهول الذي يبدل القيم غير القيم .

{ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } . ( الواقعة : 1-3 ) .

ثلاثة أصناف

عند وقوع القيامة يرتفع شأن المؤمنين ، وينخفض قدر المكذبين ، وينقسم الناس إلى ثلاثة أصناف :

السابقون المقربون ، وأصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال .

السابقون المقربون

وقد فصلت الآيات ( 10-26 ) ما أعد للسابقين في جنات النعيم ، فهم : عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ . ( الواقعة : 15 ) .

مشبكة بالمعادن الثمينة ، مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ . ( الواقعة : 16 ) . في راحة وخلو بال من الهموم والمشاغل ، ولهم في الجنة ما يشتهون من المتعة والنعيم والحور العين ، وحياتهم كلها سلام : تسلم عليهم الملائكة ، ويسلم بعضهم على بعض ، ويبلغهم السلام من الرحمن .

أصحاب اليمين

تصف الآيات ( 27-40 ) ما أعد لأصحاب اليمين ، فهم : فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ . ( الواقعة : 28 ) . والسدر شجر النبق الشائك ، ولكنه هنا مخضود شوكه ومنزوع ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ . ( الواقعة : 29 ) . والطلح شجر الموز ، منضود معد للتداول بلا كدّ ولا مشقة .

يتمتع أصحاب اليمين بألوان البهجة وصنوف التكريم ، فهم في حدائق من شجر نبق لا شوك فيه ، وشجر موز منتظم الثمر ، وفي ظل منبسط ، وماء يجري بين أيديهم كما يشاءون ، ولديهم فاكهة كثيرة الكم والأنواع ، لا تنقطع عنهم ولا يمنعون من تناولها ، وقد أعدت لهم في الجنة أسرّة عالية ظاهرة ، عليها زوجات طاهرات قد خلقن خلقا جديدا يتسم بالكمال والجمال ، وأنشئن إنشاء جديدا من غير ولادة ، وقد خلقن أبكارا . لم يُمسسن . عُرُبا . متحببات إلى أزواجهن . أتْرابا . كلهن في سن واحدة ، في ريعان الشباب ، وطراوة الصبا .

أصحاب الشمال

تصف الآيات ( 41-57 ) ما أعد لأصحاب الشمال ، فهم في : سَمُوم . وهو هواء ساخن ينفذ إلى المسام ويشوي الأجسام ، وَحَميم . ماء متناه في الحرارة ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ . ( الواقعة : 43 ) . ظل من دخان أسود ساخن ، لا بارد كسائر الظلال ، ولا كريم ينتفع بهم لأنهم كفروا بالله وانغمسوا في الشهوات ، وأنكروا البعث والجزاء .

آيات القدرة الإلهية

تعرض الآيات ( 58-74 ) آثار القدرة الإلهية المبدعة ، وتحرك قلوب المشاهدين لينظروا في أصل خلقتهم ، وفي زرعهم الذي تزاوله أيديهم ، وفي الماء الذي يشربون ، وفي النار التي يوقدون .

وهي طريقة فذة للقرآن حين يلفت نظر الإنسان إلى أبسط مظاهر الحياة ومشاهدها : ليبني له أضخم عقيدة دينية ، وأوسع تصور كوني . هذه المشاهدات التي تدخل في تجارب كل إنسان : النسل والزرع والماء والنار ، فأي إنسان على ظهر هذه الأرض لم تدخل هذه المشاهدات في تجاربه ؟

من هذه المشاهدات البسيطة الساذجة ، ينشئ القرآن العقيدة لأنه يخاطب كل إنسان في بيئته .

وهذه المشاهدات البسيطة هي بذاتها أضخم الحقائق الكونية وأعظم الأسرار الربانية .

نشأة الحياة الإنسانية . . وهي سر الأسرار

نشأة الحياة النباتية . . معجزة كذلك ، الماء أصل الحياة ، النار المعجزة التي صنعت الحضارة الإنسانية .

{ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ } . ( الواقعة : 58 ، 59 ) .

" إن دور البشر في أمر هذا الخلق لا يزيد أن يُودِع الرجل ما يمنى رحم المرأة ثم ينقطع عمله وعملها ، وتأخذ يد القدرة في العمل وحدها في هذا الماء المهين ، تعمل وحدها في خلقه وتنميته وبناء هيكله ونفخ الروح فيه ، ومنذ اللحظة الأولى وفي كل لحظة تالية تتم المعجزة وتقع الخارقة التي لا يصنعها إلا الله ، والتي لا يدري البشر كنهها وطبيعتها ، كما لا يعرفون كيف تقع ، بله أن يشاركوا فيها " i .

الزرع والماء والنار

يتابع القرآن طرقاته على القلب البشري ليتأمل ، ويخاطب النفوس الإنسانية ليرشدها إلى مواطن القدرة فيما بين يديها .

فهذا الزرع الذي ينبت ويؤتي ثماره . . ما دورهم فيه ؟ إنهم يحرثون ويُلقون الحَبّ والبذور التي صنعها الله . . ثم تصير الحبة في طريقها للنمو سير العاقل العارف الخبير بمراحل الطريق ، الذي لا يخطئ ولا يضل .

إن يد القدرة التي تتولى خطاها على طول الطريق ، فإذا الحبة عود أخضر ناضر ، وإذا النواة نخلة كاملة سامقة مثمرة .

ويتابع القرآن لمساته لاستثارة التفكير والتأمل ، فيناقش المخاطبين :

{ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ } . ( الواقعة : 68-69 ) .

أي : أخبروني أيها المنكرون الجاحدون عن الماء العذب الذي تشربونه ، هل فكرتم وتدبرتم من الذي صعده من البحار والمحيطات ، وجعله بخارا ثم سحابا متراكما ، ثم صيره ماء عذبا فراتا ؟

ولو شاء الله لجعل ذلك الماء ملحا مرّا لا يُحيي الزرع ولا الضرع ، ولا يُستساغ لمرارته ، فهلا تشكرون ربكم على إنزال المطر عذبا زلالا سائغا لشرابكم أنتم وأنعامكم وزرعكم .

ثم يذكرهم بنعمة النار التي يوقدونها ، من الذي أنبت شجرتها الخضراء من الأرض ، وأودع في الشجرة العناصر الأولية القابلة للاشتعال ، لقد جعل الله النار في الدنيا تذكرة للناس بنار الآخرة ، وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ . ( الواقعة : 73 ) . أي : للمسافرين . فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ . ( الواقعة : 74 ) . أي : نزه الله وانسب إليه العظمة والقدرة والخلق والإبداع ، فهو الإله العلي القدير .

مواقع النجوم

وفي الآيات ( 75-80 ) نلمس سمو القرآن وطهارته وعلو شأنه ومنزلته .

وقد مهدت الآيات ببيان آثار القدرة في خلق النجوم وتحديد أماكنها وتنظيم سيرها ، بحيث لا يصطدم نجم بآخر .

قال تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ } . ( الواقعة : 75-77 ) .

" ويقول الفلكيون : إن من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين نجم ، ما يمكن رؤيته بالعين المجردة ، وما لا يرى إلا بالمجاهر والأجهزة ، وما يمكن أن تحس به الأجهزة دون أن تراه ، هذه كلها تسبح في الفلك الغامض ، ولا يوجد أي احتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجم من مجال نجم آخر أو يصطدم بكوكب آخر إلا كما يحتمل تصادم مركب في البحر الأبيض المتوسط بآخر في المحيط الهادي يسيران في اتجاه واحد وبسرعة واحدة ، وهو احتمال بعيد وبعيد جدا ، إن لم يكن مستحيلا " ii .

إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ .

وليس كما تدعون قول كاهن ولا قول مجنون ولا مفترى على الله من أساطير الأولين ، ولا تنزلت به الشياطين . . إلى آخر هذه الأقاويل ، إنما هو قرآن كريم ، كريم بمصدره ، وكريم بذاته ، وكريم باتجاهاته ، كريم على الله ، كريم على الملائكة ، كريم على المؤمنين .

{ لاَ يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } . ( الواقعة : 79 ) . من دنس الشرك والنفاق ، ودنس الفواحش ، أي : لا تصل أنوار القرآن وبركاته وهدايته إلا إلى القلوب الطاهرة .

ورُوي عن علي رضي الله عنه ، وابن مسعود ، ومالك ، والشافعي ، أن المعنى : لا يمسه من كان على جنابة أو حدث أو حيض .

ورُوي عن ابن عباس ، والشعبي ، وجماعة منهم أبو حنيفة : أن المصحف أو بعضه يجوز للمحدث مسه ، وبخاصة للدرس والتعليم iii .

نهاية الحياة

في الآيات ( 71-96 ) نجد الإيقاع الأخير في السورة . . لحظة الموت ، اللمسة التي ترتجف لها الأوصال ، واللحظة التي تنهي كل جدال ، واللحظة التي يقف فيها الحي بين نهاية طريق وبداية طريق ، حيث لا يملك الرجوع ولا يملك النكوص : { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ } . ( الواقعة : 83-84 ) .

وإننا لنكاد نسمع صوت الحشرجة ، ونبصر تقبض الملامح ، ونحس الكرب والضيق من خلال قوله تعالى : فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ، كما نكاد نبصر نظرة العجز وذهول اليأس في ملامح الحاضرين من خلال قوله تعالى : َأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ . هنا في هذه اللحظة وقد فرغت الروح من أمر الدنيا ، وخلفت وراءها الأرض وما فيها ، وهي تستقبل عالما لا عهد لها به ولا تملك من أمره شيئا إلا ما ادخرت من عمل ، وما كسبت من خير أو شر .

فإن كان الميت المحتضر من السابقين في الإيمان فروحه ترى علائم النعيم الذي ينتظرها : { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ } . ( الواقعة : 89 ) .

{ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ } . ( الواقعة : 90 ) . وهو دون المقربين السابقين في المنزلة والدرجة ، فإن الملائكة تبلغه السلام من الله ومن الملائكة ومن أقرانه أصحاب اليمين .

{ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ } . ( الواقعة : 92 ) . فنزله عندنا ذلك الحميم الساخن والماء الحار وعذاب الجحيم .

ثم تختم السورة في إيقاع عميق رزين ، يفيد أن ما قصه الله في هذه السورة حق ثابت ، ويقين صادق لا شك فيه .

{ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ } . ( الواقعة : 95 ) . فاتجه لله بالتسبيح والتعظيم . { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } . ( الواقعة : 96 ) .

الأفكار العامة للسورة

قال الفيروزبادي

معظم مقصود السورة هو : ظهور واقعة القيامة ، وأصناف الخلق بالإضافة إلى العذاب والعقوبة ، وبيان حال السابقين بالطاعة ، وبيان حال قوم يكونون متوسطين بين أهل الطاعة وأهل المعصية ، وذكر حال أصحاب الشمال ، والغرقى في بحر الهلاك ، وبرهان البعث من ابتداء الخلقة ، ودليل الحشر والنشر من الحرث والزرع ، وحديث الماء والنار وما في ضمنهما من النعمة والمنة ، ومس المصحف وقراءته في حالة الطهارة ، وحال المتوفى في ساعة السكرة ، وذكر قوم بالبشارة وقوم بالخسارة ، والشهادة للحق سبحانه بالكبرياء والعظمةiv بقوله : { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } . ( الواقعة : 74 ) وقوله : { أفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ } . ( الواقعة : 58 ) . وقوله : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ } . ( الواقعة : 63 ) .

بدأ بذكر خلق الإنسان ، ثم بما لا غنى له عنه وهو الحَبّ الذي منه قوته وقوّته ، ثم الماء الذي منه سوغه وعجنه ، ثم النار التي بها نضجه وصلاحهv .

فضل السورة

عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا " vi .

قيام القيامة ، وأصناف الناس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ( 1 ) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ( 2 ) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ( 3 ) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ( 4 ) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ( 5 ) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ( 6 ) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ( 7 ) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ( 8 ) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ( 9 ) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ( 10 ) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ( 11 ) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ( 12 ) }

1

المفردات :

وقعت الواقعة : حدثت وقامت القيامة .

ليس لوقعتها كاذبة : لا تكون نفس مكذِّبة لوقوعها يوم القيامة .

التفسير :

1 ، 2- { إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } .

تفتتح السورة هذا الافتتاح الرهيب الذي يعبر عن هول القيامة ، وتسمى الواقعة لتحقق وقوعها لا محالة ، كما قال سبحانه وتعالى : { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ } . ( الحاقة : 15 ) .

ومن أسماء القيامة : القارعة ، والحاقة ، والآزفة ، والصاخّة ، والساعة ، وكلها تتلاقى على أن في هذا اليوم هولا عظيما .

فهي تسمى ( القيامة ) لأن الناس تقوم من القبور للحساب : { يوم يقوم الناس لربّ العالمين } . ( المطففين : 6 ) .

وتسمى ( الحاقة ) لأن مجيئها حق مؤكد .

وتسمى ( الآزفة ) لأن مجيئها قريب آزف .

قال تعالى : ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا . ( الإسراء : 51 ) .

وقال تعالى : أَزِفَتِ الْآَزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ . ( النجم : 57-58 ) .

وتسمى ( الصاخة ) لأنها تصخ الآذان بأهوالها ، والصاخة نوع من العذاب ، أو مقدمة للعذاب ، وكذلك القيامة بالنسبة للكافرين .

وفي القيامة أصناف تظل في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله ، وهناك الآمنون المطمئنون يوم الفزع الأكبر ، لا يخافون إذا خاف الناس ، بل هم آمنون مطمئنون لفضل الله الكريم ، وجزائه العظيم .

وقد حذف الجواب لتذهب النفس في تصوره كل مذهب ، أو أن الجواب معروف مما ذكر بعد ذلك ، من قوله تعالى : خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ .

والمعنى :

إذا قامت القيامة ووقعت الواقعة الكبرى ، فذلك حق لا شك فيه ولا مراء ، ولا توجد نفس كاذبة منكرة لها ، كما كان ذلك في الدنيا ، بل هو اليقين بأن وعد الله قد تحقق وتأيّد .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وآياتها ست وتسعون

بسم الله الرحمان الرحيم

{ إذا وقعت الواقعة } أي اذكر لهم إذا نزلت القيامة ؛ فإن في ذكر أحوالها وأهوالها عظة ؛ من وقع الطائر : نزل عن طيرانه . والواقعة من أسمار القيامة ؛ وسميت بذلك للإيذان بتحقق وقوعها .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الواقعة مكية وآياتها ست وتسعون ، نزلت بعد سورة طه ، وسميت سورة الواقعة لقوله تعالى { إذا وقعت الواقعة } . والواقعة من أسماء يوم القيامة . وقد اشتملت السورة على تفصيل أحوال الناس يوم القيامة ، فبدأت بالحديث عن وقوع القيامة ، والأحداث التي تصحب وقوعها . ثم أخبرت أن الناس في ذلك اليوم ثلاثة أصناف ، أصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال ، والمقرّبون أصحاب الدرجات العالية . ثم فصّلت عما أعد الله لكل صنف من نعيم يلائم منزلته ،

أو عذاب يناسب كفره وعصيانه .

بعد ذلك بينت الآيات مظاهر نعم الله تعالى ، وآثار قدرته في بديع صنعه في خلق الإنسان ، والزرع ، وإنزال الماء من الغمام . وما أودعه الله في الشجر من النار التي تخرج منه ، وما تقتضيه هذه الآثار الباهرة من تعظيم العلي القدير وتقديسه .

ثم يقسم الله تعالى ذلك القسَم العظيم بمواقع النجوم ، { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ، لا يمسه إلا المطهرون ، تنزيل من رب العالمين } ليدل على مكانة القرآن الكريم ، وما يستحقه من تعظيم وتقديس . ثم نعى على الكفار سوء صنيعهم من جحودهم وكفرهم بدلا من أن يشكروا الله تعالى على إيجادهم وخلق كل شيء لهم . ثم جاء الكلام بعد ذلك بإجمال ما فصّلته الآيات عن الأصناف الثلاثة وما ينتظر كل صنف من نعيم أو جحيم .

وخُتمت السورة بتأكيد أن كل ما جاء فيها هو اليقين الصادق ، والحق الثابت ، وأمرت الرسول الكريم والمؤمنين بقوله تعالى : { فسبح باسم ربك العظيم } وكان ختامها مسك الختام .

إذا وقعت : إذا حدثت . الواقعة : القيامة . إذا قامت القيامة

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الواقعة [ وهي ] مكية

{ 1-12 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا * وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }

يخبر تعالى بحال الواقعة التي لا بد من وقوعها ،

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي تسعون وست آيات

{ إذا وقعت الواقعة } جاءت القيامة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وهي سبع وتسعون آية

مكية في قول الحسن وعكرمة وجابر وعطاء . وقال ابن عباس وقتادة : إلا آية منها نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى : " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون " [ الواقعة : 82 ] . وقال الكلبي : مكية إلا أربع آيات ، منها آيتان " أفبهذا الحديث أنتم مدهنون . وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون " [ الواقعة : 82 ] نزلتا في سفره إلى مكة ، وقوله تعالى : " ثلة من الأولين . وثلة من الآخرين " [ الواقعة : 40 ] في سفره إلى المدينة . وقال مسروق : من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين ، ونبأ أهل الجنة ، ونبأ أهل النار ، ونبأ أهل الدنيا ، ونبأ أهل الآخرة ، فليقرأ سورة الواقعة . وذكر أبو عمر بن عبدالبر في " التمهيد " و " التعليق " والثعلبي أيضا : أن عثمان دخل على ابن مسعود يعوده في مرضه الذي مات فيه فقال : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي . قال : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي . قال : أفلا ندعو لك طبيبا ؟ قال : الطبيب أمرضني . قال : أفلا نأمر لك بعطاء لك ؟ قال : لا حاجة لي فيه ، حبسته عني في حياتي ، وتدفعه لي عند مماتي ؟ قال : يكون لبناتك من بعدك . قال : أتخشى على بناتي الفاقة من بعدي ؟ إني أمرتهن أن يقرأن سورة " الواقعة " كل ليلة ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا ) .

قوله تعالى : " إذا وقعت الواقعة " أي قامت القيامة ، والمراد النفخة الأخيرة . وسميت واقعة ؛ لأنها تقع عن قرب . وقيل : لكثرة ما يقع فيها من الشدائد . وفيه إضمار ، أي اذكروا إذا وقعت الواقعة . وقال الجرجاني : " إذا " صلة ، أي وقعت الواقعة ، كقوله : " اقتربت الساعة{[14608]} " [ القمر : 1 ] و " أتى أمر الله{[14609]} " [ النحل : 1 ] وهو كما يقال : قد جاء الصوم أي دنا واقترب . وعلى الأول " إذا " للوقت ، والجواب قوله : " فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة " [ الواقعة : 8 ] .


[14608]:راجع جـ 10 ص 65.
[14609]:راجع ص 125 من هذا الجزء.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الواقعة{[1]}

مقصودها شرح{[2]} أحوال الأقسام الثلاثة المذكورة في الرحمن للأولياء من السابقين واللاحقين والأعداء المشاققين{[3]} من المصارحين والمنافقين{[4]} من الثقلين للدلالة على تمام القدرة بالفعل بالاختيار الذي دل عليه آخر الرحمن بإثبات الكمال [ و-{[5]} ] دل عليه آخر هذه بالتنزيه بالنفي لكل شيء به نقص ثم الإثبات بوصف العظمة بجميع الكمال من الجمال والجلال ، ولو استوى الناس لم يكن ذلك من بليغ الحكمة ، فإن استواءهم يكون شبهة لأهل الطبيعة ، واسمها الواقعة دال على ذلك بتأمل آياته وما يتعلق الظرف به ( بسم الله ) الذي له الكمال كله ففاوت بين الناس في الأحوال ( الرحمن ) الذي عم بنعمة البيان وفاضل في قبولها بين أهل الإدبار وأهل الإقبال ( الرحيم ) الذي أقبل{[6]} بأهل حزبه إلى{[7]} أهل قربه ففازوا بمحاسن الأقوال والأفعال .

لما صنف سبحانه الناس في{[62060]} تلك إلى ثلاث أصناف : مجرمين وسابقين ولاحقين ، وختم بعلة ذلك وهو أنه ذو الانتقام والإكرام ، شرح أحوالهم في هذه السورة وبين الوقت الذي يظهر فيه إكرامه وانتقامه بما ذكر في الرحمن غاية الظهور فقال بانياً على ما أرشده السياق إلى أن تقديره : يكون ذلك كله كوناً يشترك في علمه الخاص والعام : { إذا وقعت الواقعة * } أي التي لا بد من وقوعها ولا واقع يستحق أن يسمى الواقعة بلام الكمال وتاء المبالغة غيرها ، وهي النفخة الثانية التي يكون عنها البعث الأكبر الذي هو القيامة الجامعة لجميع الخلق للحكم بينهم على الانفراد الظاهر الذي لا مدعى للمشاركة فيه بوجه من الوجوه ، ويجوز أن يكون { إذا } منصوباً بالمحذوف لتذهب النفس فيه كل مذهب ، فيكون أهول{[62061]} أي إذا وقعت كانت{[62062]} أموراً يضيق عنها{[62063]} نطاق الحصر .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[62060]:- زيد من ظ.
[62061]:- من ظ، وفي الأصل: أهوال.
[62062]:- من ظ، وفي الأصل: أسرها ويضيق.
[62063]:- من ظ، وفي الأصل: أسرها ويضيق.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

{ إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ ( 1 ) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ( 2 ) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ( 3 ) }

إذا قامت القيامة ،

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية وآياتها ست وتسعون ، وهي حافلة بأخبار القيامة وما يقع فيها وبين يديها من الأهوال الجسام والبلايا الرعيبة ، ومثل هذه الحقائق المذهلة تتراءى للخيال من الآيات والكلمات التي تضمنتها هذه السورة ، وهي آيات وكلمات تثير من عجائب الذكرى ما ينشر في النفس الفزع والرهبة ، وهذه حقيقة يستيقنها المتدبر وهو يتلو كلمات ربه في قوله : { إذا رجت الأرض رجا 4 وبسّت الجبال بسّا 5 فكانت هباء منبثا } وفي السورة بيان بفئات العباد الثلاث يوم القيامة وهم أهل اليمين ، وأهل الشمال ، والسابقون المقربون ، وما أعده الله لكل فئة من الجزاء ، إلى غير ذلك من ألوان المواعظ والترهيب .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ إذا وقعت الواقعة 1 ليس لوقعتها كاذبة 2 خافضة رافعة 3 إذا رجت الأرض رجا 4 وبست الجبال بسا 5 فكانت هباء منبثا 6 وكنتم أزواجا ثلاثة 7 فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة 8 وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة 9 والسابقون السابقون 10 أولئك المقربون 11 في جنات النعيم } .

ذلك إعلان من الله بأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن هذه حقيقة كائنة لا محالة فلا يصرفها صارف ولا يدفعها دافع ، وأن الناس حينئذ أصناف ثلاثة ، صنفان في الجنة وثالث في النار . وهو قوله : { إذا وقعت الواقعة } والواقعة اسم من أسماء القيامة . وقد سميت بذلك لتحقق وقوعها إذا شاء الله لها أن تقع . على أن التعبير باسم الفاعل في الواقعة ينبه إلى القيامة كائنة حقا وأن وقوعها آت لا شك فيه .