تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

1

المفردات :

فرض : شرع وبين .

تحلّة أيمانكم : تحليلها بالكفارة ، أو بالاستثناء متصلا حتى لا يحنث .

مولاكم : وليكم وناصركم .

التفسير :

2- { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } .

قد شرع الله لكم يا معشر المؤمنين ما تتحلّلون به من أيمانكم وذلك بالكفّارة .

وفي الحديث الشريف : " من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ، وليكفّر عن يمينه " 7

وقال تعالى : { لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } . ( المائدة : 89 ) .

{ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ . . . } فهو سبحانه وليّكم وناصركم .

{ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } .

يشرع لكم عن علم وعن حكمة ، ويأمركم بما يناسب طاقتكم ، وما يصلح لكم ، فلا تحرّموا إلاّ ما حرّم ، ولا تحلّوا غير ما أحلّ .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

{ تحلة أيمانكم } أي تحليلها بالكفارة المذكور في سورة المائدة . وأصلها تحللة ، مصدر حلل المضاعف ؛ كتكرمة من كرم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

فرض : شرع ، وبين لكم .

تحلَّة أيمانكم : تحليلها بالكفارة .

ثم بيّن له أنّه يمكن أن يكفّر عن يمينه بقوله : { قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } بالكفّارة عنها . وقد رُوي أنه عليه الصلاةُ والسلام كفّر عن يمينه فأعتق رقبة . { والله مَوْلاَكُمْ وَهُوَ العليم الحكيم }

واللهُ متولِّي أمورِكم وناصرُكم ، وهو العليم ما يُصلحكم فيشرّعه لكم ، والحكيمُ في تدبيرِ أموركم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

ثم أمره بأن يكفر عن يمينه فقال { قد فرض الله لكم } أي بين الله لكم { تحلة أيمانكم } ما تستحل به المحلوف عليه من الكفار يعني سورة المائدة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

فيه ثلاث مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " تحليل اليمين كفارتها . أي إذا أحببتم استباحة المحلوف عليه ، وهو قوله تعالى في سورة " المائدة " : " فكفارته إطعام عشرة مساكين{[15130]} " [ المائدة : 89 ] . ويتحصل من هذا أن من حرم شيئا من المأكول والمشروب لم يحرم عليه عندنا ؛ لأن الكفارة لليمين لا للتحريم على ما بيناه . وأبو حنيفة يراه يمينا في كل شيء ، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه ، فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكله ، أو أمة فعلى وطئها ، أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية ، وإن نوى الظهار فظهار ، وإن نوى الطلاق فطلاق بائن . وكذلك إن نوى ثنتين أو ثلاثا . وإن قال : نويت الكذب دين فيما بينه وبين الله تعالى . ولا يدين في القضاء بإبطال الإيلاء . وإن قال : كل حلال عليه حرام ؛ فعلى الطعام والشراب إذا لم ينو ، وإلا فعلى ما نوى . ولا يراه الشافعي يمينا ولكن سببا في الكفارة في النساء{[15131]} وحدهن . وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده ، على ما تقدم بيانه . فإن حلف إلا يأكله حنث ويبر بالكفارة .

الثانية- فإن حرم أمته أو زوجته فكفارة يمين ، كما في صحيح مسلم عن ابن عباس قال : إذا حرم الرجل عليه امرأته ، فهي يمين يكفرها . وقال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

الثالثة- قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم كفر عن يمينه . وعن الحسن : لم يكفر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وكفارة اليمين في هذه السورة إنما أمر بها الأمة . والأول أصح ، وأن المراد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . ثم إن الأمة تقتدي به في ذلك . وقد قدمنا عن زيد بن أسلم أنه عليه السلام كفر بعتق رقبة . وعن مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية . والله أعلم . وقيل : أي قد فرض الله لكم تحليل ملك اليمين ، فبين في قوله تعالى : " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له{[15132]} " [ الأحزاب : 38 ] أي فيما شرعه له في النساء المحللات . أي حلل لكم ملك الأيمان ، فلم تحرم مارية على نفسك مع تحليل الله إياها لك . وقيل : تحلة اليمين الاستثناء ، أي فرض الله لكم الاستثناء المخرج عن اليمين . ثم عند قوم يجوز الاستثناء من الأيمان متى شاء وإن تحلل مدة . وعند المعظم لا يجوز إلا متصلا ، فكأنه قال : استثن بعد هذا فيما تحلف عليه . وتحلة اليمين تحليلها بالكفارة ، والأصل تحللة ، فأدغمت . وتفعلة من مصادر فعل ، كالتسمية والتوصية . فالتحلة تحليل اليمين . فكأن اليمين عقد والكفارة حل . وقيل : التحلة الكفارة ، أي إنها تحل للحالف ما حرم على نفسه ، أي إذا كفر صار كمن لم يحلف . " والله مولاكم " وليكم وناصركم بإزالة الحظر فيما تحرمونه على أنفسكم ، وبالترخيص لكم في تحليل أيمانكم بالكفارة ، وبالثواب على ما تخرجونه في الكفارة .


[15130]:راجع جـ 6 ص 264.
[15131]:زيادة عن الكشاف يقتضيها السياق.
[15132]:راجع جـ 14 ص 195.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

قوله : { قد فرض الله لكم تحلّة أيمانكم } أي شرع الله لكم كفارة أيمانكم فالكفارة تحلّة لليمين لأنها تحل للحالف ما حرمه على نفسه . ويستدل من هذا العتاب على أن تحريم ما أحل الله لا ينعقد ولا يلزم صاحبه لأن التحليل والتحريم مردهما إلى الله سبحانه وليس لأحد سواه .

وقد ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن تحريم الحلال يمين في كل شيء ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه الإنسان على نفسه . فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكل هذا الطعام . وإذا حرم أمة فقد حلف على وطئها ، وإذا حرم زوجة فقد آلى منها إذا لم يكن له نية . وإن نوى الظهار فهو ظهار . وإن نوى الطلاق فهو طلاق بائن . وكذلك إن نوى ثنتين أو ثلاثا فكما نوى . وإن قال : كل حلال عليّ حرام ، كان ذلك على الطعام والشراب إذا لم ينو ، وإلا فعلى ما نوى . أما الشافعي فلا يرى ذلك يمينا ، بل يراه سببا في الكفارة في النساء وحدهن . وإن نوى الطلاق فهو عنده طلاق رجعي . وعن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود وزيد ( رضي الله عنهم ) أن الحرام يمين{[4575]} .

قوله : { والله مولاكم } أي سيدكم ومتولّي أموركم { وهو العليم الحكيم } الله العليم بما يصلحكم فيشرعه لكم . وهو سبحانه الحكيم فلا يأمركم ولا ينهاكم إلا بما تقتضيه الحكمة مما فيه مصلحتكم ونفعكم .


[4575]:الكشاف جـ 4 ص 125، 126 وأحكام القرآن للجصاص جـ 5 ص362 –365.