المشرقين : أي المشرق والمغرب ، وبعد المشرقين ، أي : بعد أحدهما من الآخر .
38- { حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين } .
حتى إذا حشر هذا الكافر مقرونا بالسلاسل مع قرينه من الشياطين ، تبرم به ، وتمنى أن يكون الشيطان بعيدا عنه بعد المشرق من المغرب ، لأنه كان سبب إغوائه وإضلاله .
قال أبو سعيد الخدري : إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين ، فلا يفارقه حتى يصير به إلى النار .
وقال الطبري وابن كثير وغيرهما :
المراد بالمشرقين ههنا : ما بين المشرق والمغرب ، وإنما استعمل ههنا تغليبا ، كما يقال :
بُعد المشرقين : يعني المشرق والمغرب ، بين المشرق والمغرب . والعرب تسمّي أحيانا الشيئين المتقابلين باسم أحدهما . كما نقول العُمَران : أبو بكر وعمر ، القمران : الشمس والقمر .
حتى إذا جاء ذلك الرجل يومَ القيامة إلى الله ورأى عاقبة إعراضه وكفرِه قال لقرينه نادماً : يا ليت بيني وبينك بُعدَ المشرق والمغرب ، فبئس الصاحبُ كنتَ لي ، حتى أوقعتني في الهاوية .
قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وحفص : حتى إذا جاءنا بالإفراد . والباقون : جاءانا على التثنية .
قوله تعالى : { حتى إذا جاءنا } قرأ أهل العراق غير أبي بكر :{ جاءنا } على الواحد يعنون الكافر ، وقرأ الآخرون : { جاءانا } ، على التثنية يعنون الكافر وقرينه قد جعلا في سلسلة واحدة . { قال } الكافر لقرينه الشيطان :{ يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين } أي بعد ما بين المشرق والمغرب فغلب اسم أحدهما على الآخر كما يقال للشمس والقمر : القمران ، ولأبي بكر وعمر : العمران . وقيل : أراد بالمشرقين مشرق الصيف ومشرق الشتاء ، والأول أصح ، { فبئس القرين } قال أبو سعيد الخدري : إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصير إلى النار .
ولما كان من ضل عن الطريق ، ومن ظن أنه على صواب لا يكاد يتمادى بل ينجلي له الحال عن قرب ضم إلى العجبين الماضيين عجباً ثالثاً بياناً له على ما تقديره : ونملي لهذا العاشي استدراجاً له وابتلاء لغيره ونمد ذلك طول حياته { حتى } وحقق الخبر بقوله : { إذا } ولما علم من الجمع فيما قيل أن المراد الجنس ، وكان التوحيد أدل دليل على تناول كل فرد ، فكان التعبير به أهول ، وكان السياق دالاً على من الضمير له قال : { جاءنا } أي العاشي ، ومن قرأ بالتثنية أراد العاشي والقرين { قال } أي العاشي تندماً وتحسراً لا انتفاع له به لفوات محله وهو دار العمل : { يا ليت بيني وبينك } أيها القرين { بعد المشرقين } أي ما بين المشرق والمغرب على التغليب - قاله ابن جرير وغيره ، أو مشرق الشتاء والصيف أي بعد أحدهما عن الآخر ؛ ثم سبب عن هذا التمني قوله جامعاً له أنواع المذام : { فبئس القرين } أي إني علمت أنك الذي أضلني وأوصلني إلى هذا العيش الضنك والمحل الدحض وأحسست في هذا الوقت بذلك الذي كنت تؤذيني به أنه أذى بالغ ، فكنت كالذي يحك جسمه لما به من قروح متأكلة حتى يخرج منه الدم فهو في أوله يجد له لذة بما هو مؤلم له في نفسه غاية الإيلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.