( سورة التكوير مكية ، وآياتها 29 آية ، نزلت بعد سورة المسد )
وتشتمل سورة التكوير على ثروة ضخمة من المشاهد الرائعة في هذا الكون ، حين تنتهي الحياة ، ويختل نظامها ، وينفرط عقد الكون وتتناثر أجزاؤه ، ويذهب عنه التماسك الموزون والحركة المضبوطة ، والصنعة المتينة .
والسورة تشتمل على مقطعين اثنين ، تعالج في كل مقطع منهما تقرير حقيقة ضخمة من حقائق العقيدة :
الأولى : حقيقة القيامة ، وما يصاحبها من انقلاب كوني هائل كامل ، يشمل الشمس والنجوم ، والجبال والبحار ، والأرض والسماء ، والأنعام والوحوش ، كما يشمل بني الإنسان .
والثانية : حقيقة الوحي ، وما يتعلق بها من صفة الملك الذي يحمله ، وصفة النبي الذي يتلقاه ، ثم شأن المخاطبين بهذا الوحي معه ، ومع المشيئة الكبرى التي فطرتهم وأنزلت لهم الوحي .
بدأ سبحانه هذه السورة الكريمة بذكر يوم القيامة ، وما يكون فيه من أحداث هائلة ، وحين تقع هذه الأحداث تعلم كل نفس ما قدّمت من عمل خيرا كان أو شرا .
1- إذا كورت الشمس وسقطت وتدهورت ، وانطفأت شعلتها ، وانكمشت ألسنتها الملهبة ، وذهب ضوءها ، واختل نظام الكون .
2- وإذا تناثرت النجوم ، وأظلم نورها ، وذهب لألاؤها .
3- وإذا انفصلت الجبال عن الأرض ، وسارت في الجو كما يسير السحاب ، وتبع ذلك نسفها وبسها وتذريتها في الهواء ، كما جاء في سورة طه : ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا . ( طه : 105 ) .
4- وإذا تركت العشار وأهملت ، والعشار : هي النوق الحبالى في شهرها العاشر ، وهي أجود وأثمن ما يملكه العربي ، فإذا انشغل الناس عنها بأهوال القيامة عطلت وأهملت .
5- وإذا اجتمعت الوحوش الكاسرة ذليلة هادئة قد نسيت غريزتها ، مضت هائمة على وجوهها لا تأوي إلى جحورها ، ولا تنطلق وراء فرائسها ، وقد حشرها هول الموقف ذاهلة متغيرة الطباع ، فكيف بالناس في ذلك اليوم العصيب ؟
6- وإذا التهبت البحار وامتلأت نارا ، أو فجرت الزلازل ما بينها حتى اختلطت وعادت بحرا واحدا .
7- وإذا اقترنت الأرواح بأبدانها ، أو إذا قرن كل شبيه بشبيهه ، وضمت كل جماعة من الأٍرواح المتجانسة في مجموعة .
8 ، 9- وإذا سئلت الموءودة بين يدي قاتلها عن السبب الذي لأجله قتلت ، ليكون جوابها أشد وقعا على الوائد ، فإنها ستجيب أنها قتلت بلا ذنب جنته .
وقد افتنّ العرب في الوأد ، وكان الوأد يتم في صورة قاسية ، إذ كانت تدفن البنت حية ، أو تجلس المرأة عند المخاض فوق بئر محفورة ، فإذا كان المولود بنتا رمت بها فيها وردمتها ، وإن كان ذكرا قامت به معها ، وبعضهم كان إذا عزم على استبقاء بنته فإنه يمسكها إلى أن تقدر على الرعي ، ثم يلبسها جبة من صوف أو شعر ، ويرسلها إلى البادية ترعى له إبله ، فلما جاء الإسلام سما بالمرأة وكرمها ، وليدة وناشئة وزوجة وأمّا ، وحرّم وأد البنات وشفع بالتشنيع على من يفعله .
قال تعالى : وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم* يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون . ( النحل : 58 ، 59 ) .
10- وإذا نشرت صحف الأعمال ، وكشفت وعرفت فلم تعد مستورة بل صارت منشودة مشهورة .
11- وإذا السماء كشطت وأزيلت ، فلم يبق غطاء ولا سماء .
12 ، 13- وإذا أوقدت النار واشتد لهيبها ووهجها وحرارتها ، وإذا أدنيت الجنة من المتقين تكريما وإيناسا لهم .
14-عندما تقع هذه الأحداث الهائلة في كيان الكون ، وفي أحوال الأحياء والأشياء ، علمت كل نفس ما قدمت من خير أو شر ، وما تزودت به لهذا اليوم ، وما حملت معها للعرض ، وما أحضرت للحساب ، وهي لا تستطيع أن تغير فيه ولا أن تبدل ، فالدنيا عمل ولا حساب ، والآخرة حساب ولا عمل .
وهنا ينتهي المقطع الأول من السورة ، وقد امتلأ الحس وفاض بمشاهد اليوم الذي يتم فيه هذا الانقلاب .
بعد أن ذكرت السورة من أحوال القيامة وأهوالها ما ذكرت ، أتبعت ذلك ببيان أن ما يحدثهم به الرسول صلى الله عليه وسلم هو القرآن الكريم الذي أنزل عليه ، وهو آيات بينات من الهدى ، وأن ما رميتموه به من المعايب كقولكم : إنه ساحر أو مجنون أو كذاب أو شاعر ، ما هو إلا محض افتراء .
15 ، 16- يقسم الله تعالى قسما مؤكدا بالكواكب الخنّس : التي تخنس ، أي ترجع في دورتها الفلكية ، الجوار الكنّس : التي تجري وتعود إلى أمكانها .
17- والليل إذا أدبر وولّى وزالت ظلمته ، أو إذا أقبل ظلامه .
18- والصبح إذا أسفر وظهر نوره ، وفي ذلك بشرى للأنفس بحياة جديدة في نهار جديد ، ومن الجمال في هذا التعبير إضفاء الحياة على النهار الوليد ، فإذا الصبح حي يتنفس .
( وأكاد أجزم أن اللغة العربية لا تحتوي نظيرا لهذا التعبير عن الصبح ، رؤية الفجر تكاد تشعر القلب المتفتح أنه بالفعل يتنفس ، ثم يجيء هذا التعبير فيصوّر هذه الحقيقة التي يشعر بها )i .
19-22- وجواب القسم : إن هذا القرآن ، وهذا الوصف لليوم الآخر لقول رسول كريم ، وهو جبريل الذي حمل هذا القول وأبلغه ، فصار قوله باعتبار تبليغه .
ويذكر صفة هذا الرسول الذي اختير لحمل هذا القول وإبلاغه ، فينعته بخمسة أوصاف ، هي :
1- ( كريم ) أي : عزيز على ربه .
2- ( ذي قوة ) في الحفظ والبعد عن النسيان والخطأ .
3- ( عند ذي العرش مكين ) أي : ذي جاه ومنزلة عند ربه .
4- ( مطاع ثم ) أي : هناك في الملأ الأعلى عند الله في ملائكته المقربين ، فهم يصدرون عن أمره ويرجعون إليه .
5- ( أمين ) على وحي ربه ورسالاته ، قد عصمه من الخيانة فيما يأمره به ، وجنّبه الزلل فيما يقوم به من الأعمال .
هذه صفة الرسول المبلّغ وهو جبريل عليه السلام ، أما الرسول الذي حمله إليكم وخاطبهم بالقرآن فهو صاحبكم الذي عرفتموه حق المعرفة عمرا طويلا ، وعرفتم عنه الصدق والأمانة ، وليس مجنونا كما تدّعون .
23- ولقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام ، وهو بالأفق الأعلى عند سدرة المنتهى بالأفق المبين ، أي رآه رؤية واضحة عند الأفق الواضح .
24- وليس محمد صلى الله عليه وسلم بالمتهم على القرآن وما فيه من قصص وأنباء وأحكام ، بل هو ثقة أمين لا يأتي به من عند نفسه ، ولا يبدل منه حرفا بحرف ، ولا معنى بمعنى ، إذ لم يعرف عنه الكذب في ماضي حياته ، فهو غير متهم فيما يحكيه عن رؤية جبريل وسماع الشرائع منه .
25- وليس القرآن قول شيطان ألقاه على لسان محمد حين خالط عقله كما تزعمون ، فالشياطين لا توحي بهذا النهج القويم .
26- ثم يسألهم مستنكرا : فأين تذهبون . أي : فأي سبيل تسلكونها وقد سدت عليكم السبل ، وأحاط بكم الحق من جميع جوانبكم ، وبطلت مفترياتكم ، فلم تبق لكم سبيل تستطيعون الهرب منها .
27- ثم بين حقيقة القرآن فقال : إن هو إلا ذكر للعالمين . أي : ليس القرآن إلا عظة للخلق كافة ، يتذكرون بها ما غرز في طباعهم من حب الخير ، وهو ذكر يذكرهم بحقيقة نشأتهم ، وحقيقة وجودهم ، وحقيقة الكون من حولهم ، وهو أعظم عظة للعالمين جميعا .
28 ، 29- وإن على مشيئة المكلف تتوقف الهداية ، فمن أراد الحق واتجه بقلبه إلى الطريق القويم ، هداه الله إليه ، ويسّر له أمره ، وأمده بالعون والتوفيق ، وبذلك يستقر في قلب كل إنسان أن مشيئته طرف وخيط راجع في أصله إلى مشيئة الله الكبرى وإرادته المطلقة ، فيلجأ كل إنسان إلى ساحة مولاه ، وإلى عناية خالقه ، فعنده سبحانه العون والتوفيق ، والهدى والسداد : وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين .
2- القسم بالنجوم وبالليل وبالصبح على أن القرآن منزل من عند الله بواسطة ملائكته .
3- إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
4- بيان أن القرآن عظة وذكر لمن أراد الهداية .
5- مشيئة العبد تابعة لمشيئة الرب ، وليس لها استقلال بالعمل .
{ إذا الشمس كوّرت 1 وإذا النجوم انكدرت 2 وإذا الجبال سيّرت 3 وإذا العشار عطّلت 4 وإذا الوحوش حشرت 5 وإذا البحار سجّرت 6 وإذا النفوس زوّجت 7 وإذا الموءودة سئلت 8 بأي ذنب قتلت 9 وإذا الصّحف نشر 10 وإذا السماء كشطت 11 وإذا الجحيم سعّرت 12 وإذا الجنة أزلفت 13 علمت نفس ما أحضرت 14 }
الشمس كورت : أزيل ضياؤها ، أو لفّت وطويت .
هذه الآية وما بعدها من علامات اضمحلال هذا الكون ونهايته ، حيث تتغير المعالم ، وتبدّل الأرض غير الأرض والسماوات ، ويختل نظام الكون ، وقد تكرر لفظ : إذا . في الآيات الأولى من سورة التكوير اثنتي عشرة مرة ، وجواب الشرط قوله تعالى : علمت نفس ما أحضرت .
وتكرير لفظ : إذا . اثنتي مرة من مقاصده التشويق للجواب ، لأن السامع عندما يجد هذا الظرف قد تكرر ، يكون في ترقب وشوق لمعرفة الجواب .
إذا شاخت الشمس ، وانطفأ نورها ، وأصبحت من النجوم القزمة التي أدّت دورها ، ووجب أن تلفّ وتطوى ، فتكوّر تمهيدا لذلك .
سورة التكوير وآياتها تسع وعشرون ، نزلت بعد سورة المسد ، وسميت " سورة التكوير " لقوله تعالى { إذا الشمس كورت } .
تبدأ هذه السورة بذكر أهوال يوم القيامة وما يصاحبها من انقلاب كوني هائل ، يشمل الشمس والنجوم والجبال والبحار ، والأرض والسماء ، وبني الإنسان وسائر الحيوان والوحوش . ويستغرق هذا الموضوع أربع عشرة آية إلى قوله تعالى { علمت نفس ما أحضرت } . وفي ذلك اليوم تعلم كل نفس ما قدّمته من أعمال ويتبين لها ما كان منها من خير أو شر ، وتأخذ جزاءها عليه .
ثم يأتي بعد ذلك القَسم بأربعة أشياء من ظواهر هذا الكون العجيب : ( بالنجوم الخنّس والكنّس ، وبالليل إذا أقبل بظلامه ، وبالصبح إذا بدأ ضوؤه وهبّ النسيم اللطيف ) إن هذا القرآن قول رسول كريم ، هو كلام الله المنزل عليه . وأن الرسول الذي جاء بالقرآن الكريم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، هو صاحب قوة في أداء مهمته ، وذو مكانة عند الله . وهو مطاع عند الملأ الأعلى ، مؤتمن على الوحي .
ثم تأتي تبرئة الرسول الكريم مما رموه به من الجنون { وما صاحبكم بمجنون } لأن زعماء قريش لما أعيتهم الحيلة في أمره قالوا عنه إنه مجنون . وهذه الصفة قد أطلقت من قبل على جميع الرسل ، كما جاء في قوله تعالى : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا : ساحر أو مجنون } [ الذاريات : 52 ] .
ولقد رأى سيدنا محمد جبريل بالأفق الأعلى الواضح ، وهو صادق في جميع ما يبلّغ عن اليوم الآخر ، وحوادثه ، والوحي وما يجيء به .
وهو لا يقصّر في تبليغ ما يوحى إليه { وما هو بقول شيطان رجيم } . لقد عرفتم هذا النبي يا مشركي قريش ، بصحة العقل والأمانة منذ صغره ، فهل يكون ما يحدّث به الآن من خبر الآخرة والجنة والنار والشرائع والأحكام قول شيطان رجيم ؟ !
ثم يؤكد الله خطابه للمنكرين فيقول : { فأين تذهبون } وأي طريق أهدى من هذا الطريق تسلكون ! إن هذا الذي يتلوه عليكم محمد { إلا ذكر للعالمين } وموعظة يتذكّرون بها ما رُكّب في طباعهم من الميل إلى الخير . ثم يختم هذه السورة الكريمة بهذه الآية الرائعة { وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } . ففي هذه السورة مشاهد عظيمة رائعة من هذا الكون البديع الذي نراه ونعيش فيه .
كوّرتْ : لفَّت ومحي ضَوْؤهَا .
في هذه الآية الكريمة والآيات التي بعدها تصويرٌ رائع لما يحدثُ يومَ القيامة من أهوالٍ تُشيبُ الأطفالَ . فإذا طُويت الشمسُ واختفت .
{ 1 - 14 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ }
أي : إذا حصلت هذه الأمور الهائلة ، تميز الخلق ، وعلم كل أحد ما قدمه لآخرته ، وما أحضره فيها من خير وشر ، وذلك إذا كان يوم القيامة تكور الشمس أي : تجمع وتلف ، ويخسف القمر ، ويلقيان في النار .
سورة التكوير{[1]}
مقصودها التهديد الشديد{[2]} بيوم الوعيد الذي هو محط الرحال ، لكونه أعظم مقام لظهور الجلال ، لمن كذب بأن{[3]} هذا القرآن تذكرة {[4]}لمن ذكره{[5]} في صحف مكرمة {[6]}مرفوعة مطهرة{[7]} بأيدي سفرة ، والدلالة على حقية كونه كذلك بأن{[8]} السفير به أمين في الملأ الأعلى مكين المكانفة فيما هنالك والموصل له إلينا منزه عن التهمة برئ من النقص لما يعلمونه من حاله قبل النبوة وما كانوا يشهدون له به من الكمال في صحبته لهم المتطاولة التي نبههم بالتعليق بها على ما لا يشكون فيه من أمره ولم يأتهم بعدها إلا بما{[9]} هو شرف له وتذكير بما في أنفسهم وفي الآفاق من الآيات ، وذلك كاف [ لهم-{[10]} ] في الحكم بأنه صدق والعلم اليقين بأنه حق ، واسمها التكوير أدل{[11]} ما فيها على ذلك بتأمل الظرف وجوابه وما فيه من بديع القول وصوابه ، وما تسبب عنه من عظم الشأن لهذا القرآن { بسم الله } الواحد القهار { الرحمن } الذي عمت نعمة إيجاده وبيانه الأبرار والفجار { الرحيم* }الذي خص أهل وداده بما أسعدهم في دار القرار .
لما ختمت سورة عبس{[71816]} بوعيد الكفرة الفجرة-{[71817]} بيوم الصاخة لجحودهم {[71818]}بما لهذا{[71819]} القرآن من التذكرة ، ابتدئت هذه بإتمام ذلك ، فصور ذلك اليوم بما يكون فيه من الأمور الهائلة من عالم الملك والملكوت حتى كأنه رأى عين كما رواه{[71820]} الإمام أحمد{[71821]} والترمذي{[71822]} والطبراني{[71823]} وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم برجال ثقات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة رأي العين فليقرأ { إذا الشمس كورت } " [ التكوير : 1 ] فقال بادئاً بعالم الملك والشهادة لأنه أقرب تصوراً لما يغلب على الإنسان من الوقوف مع المحسوسات ، معلماً بأنه سيخرب تزهيداً في كل ما يجر إليه وحثاً على عدم المبالاة به والابتعاد من التعلق بشيء من أسبابه : { إذا الشمس } أي التي هي أعظم آيات السماء الظاهرة {[71824]}وأوضحها للحس .
ولما كان المهول مطلق تكويرها الدال على عظمة مكورها ، بني للمفعول على طريقة كلام القادرين قوله : { كورت * } أي لفت بأيسر أمر من غير كلفة{[71825]} ما أصلاً ، فأدخلت في العرش - كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما{[71826]} فذهب ما كان ينبسط من نورها ، من كورت العمامة - إذا لففتها فكان بعضها على بعض وانطمس بعضها ببعض ، والثوب - إذا جمعته فرفعته ، فالتكوير كناية عن رفعها أو إلقائها في جهنم زيادة في عذاب أهلها ولا سيما عبدتها ، أو ألقيت عن فلكها ، من طعنه فكوره أي ألقاه مجتمعاً ، والتركيب للإدارة والجمع والرفع للشمس ، فعل دل عليه " كورت " لأن " إذا " تطلب الفعل لما فيها من معنى الشرط ،