تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

14

المفردات :

يمنون عليك : يذكرون ذلك ذكر من اصطنع لك صنيعة وأسدى إليك نعمة .

التفسير :

17- { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .

يمنون عليك أيها الرسول بإيمانهم ، ويتفضلون ويظهرون المن والنعمة عليك بإيمانهم ، حيث قالوا : جئناك بالأثقال والعيال ، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ، فقل لهم أيها الرسول الكريم : { لا تمنوا علي إسلامكم . . . } فهو إيمان مدخول ، واستسلام ظاهر رغبة في غنائم الدنيا .

أما الإيمان الحقيقي فهو نور من الله ، وهداية وبصيرة صادقة ، ويقين حقيقي بالله الخالق الرازق ، المعطي المانع ، والهداية الحقيقية لهذا الإيمان منحة من الله ، فمنه الهداية والمشيئة والتوفيق والرعاية ، وله سبحانه وتعالى الفضل والمنة لأنه هداكم للإيمان ، ووفقكم للدخول فيه ، إن كنتم صادقين في دعواكم .

والآية نموذج رشيق لطيف في دحض حجة الخصم ، وتقويم سلوكه ، وإرشاده إلى الحقائق ، وفتح باب الأمل لإرشاده إلى السلوك الأمثل ، والطريق القويم ، وتذكرنا هذه الآية بموقف النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة ، وانتصاره في معركة حنين والطائف ، فقد وزع الغنائم بين أهل مكة ، ولم يعط الأنصار شيئا منها إلا رجلين فقيرين من الأنصار ، فقالت الأنصار : لقد وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله ، فجمع الرسول صلى الله عليه وسلم الأنصار ، وقال لهم : ( يا معشر الأنصار ، ما مقالة بلغتني عنكم ) ؟ فقالوا : قلنا : لقد وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الأنصار ، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فآلفكم الله بي ؟ وكنتم عالة فأغناكم الله بي ) ؟ قالوا : بلى ، الله ورسوله أمنّ وأفضل ، أو : لله ورسوله الفضل والمنة ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أما والله إن شئتم لقلتم فصدقتم وصُدِّقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، وطريدا فآويناك ، ووحيدا فجمعناك ، يا معشر الأنصار ، أئذا أعطيت بعض الناس لعاعة من الدنيا أتألفهم بها ، وتركتكم إلى الإيمان تغضبون ؟ أما ترضون أن يرجع الناس بالشاء والبعير ، وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم ؟ فوالذي نفسي بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس فجا ، وسلك الأنصار فجا ، لسلكت طريق الأنصار ، اللهم اغفر للأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار ) . فبكى الأنصار حتى اخضلت لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم .

وموضع الشاهد هنا قول الأنصار :

( الله ورسوله أمنّ وأفضل ) .

أو : ( لله ورسولاه الفضل والمنة ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

يعدون إسلامَهم ومتابعتهم لك منةً يطلبون منك أجرَها . . فقد قال بعضهم : جئناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان . { قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } بل الله تعالى هو الذي يمنّ عليكم إذ هداكم إلى الإيمان ، إن كنتم صادقين في دعواكم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

فكما أنه تعالى يمن{[808]}  عليهم ، بالخلق والرزق ، والنعم الظاهرة والباطنة ، فمنته عليهم بهدايتهم إلى الإسلام ، ومنته عليهم بالإيمان ، أعظم{[809]}  من كل شيء ، ولهذا قال تعالى : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .


[808]:- في ب: هو المان.
[809]:- في ب: أفضل.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

{ يمنون عليك أن أسلموا } وذلك أنهم كانوا يقولون لنبي الله صلى الله عليه وسلم أتيناك بالعيال والأثقال طوعا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان فأعطنا فقال الله تعالى { قل لا تمنوا علي } وقوله { إن كنتم صادقين } أنكم مؤمنون أي لله المنة إن صدقتم في إيمانكم لا لكم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

قوله تعالى : " يمنون عليك أن أسلموا " إشارة إلى قولهم : جئناك بالأثقال والعيال . و " أن " في موضع نصب على تقدير لأن أسلموا . " قل لا تمنوا علي إسلامكم " أي بإسلامكم . " بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان " " أن " موضع نصب ، تقديره بأن . وقيل : لأن . وفي مصحف عبد الله " إذ هداكم " . " إن كنتم صادقين " صادقين أنكم مؤمنون . وقرأ عاصم " إن هداكم " بالكسر ، وفيه بعد ؛ لقوله : " إن كنتم صادقين " . ولا يقال يمن عليكم أن يهديكم إن صدقتم . والقراءة الظاهرة " أن هداكم " . وهذا لا يدل على أنهم كانوا مؤمنين ، لأن تقدير الكلام : إن آمنتم فذلك منة الله عليكم .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

{ يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين }

{ يمنون عليك أن أسلموا } من غير قتال بخلاف غيرهم ممن أسلم بعد قتاله منهم { قل لا تمنوا عليَّ إسلامكم } منصوب بنزع الخافض الباء ويقدر قبل أن في الموضعين { بل الله يمنُّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين } في قولكم آمنا .