الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

قوله : { أَنْ أَسْلَمُواْ } : يجوز فيه وجهان ، أحدهما : أنَّه مفعولٌ به ؛ لأنه ضُمِّن " يَمُنُّون " معنى يَعْتَدُّون " ، كأنه قيل : يَعْتَدُّون عليك إسلامَهم مانِّيْنَ به عليك ؛ ولهذا صَرَّح بالمفعولِ به في قولِه : { لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } أي : " لا تَعْتَدُّوا عليَّ إسلامَكم " كذا استدلَّ الشيخُ بهذا . وفيه نظرٌ ؛ إذ لقائلٍ أَنْ يقولِ : لا نُسَلِّمُ انتصابَ " إسلامَكم " على المفعولِ به ، بل يجوزُ فيه المفعولُ مِنْ أجلِه ، كما يجوزُ في محلِّ " أَنْ أَسْلَموا " وهو الوجهُ الثاني فيه ، أي : يمنُّون عليك لأجلِ أَنْ أَسْلَمُوا ، فكذلك في قولِه : { لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } وشروطُ النصبِ موجودةٌ ، والمفعولُ له متى كان مضافاً استوى جَرُّه بالحرفِ ونصبُه .

وقوله : { أَنْ هَداكُمْ } كقولِه : " أن أَسْلَموا " . وقرأ زيد بن علي " إذ هَداكم " ب " إذ " مكانَ " أَنْ " وهي تفيد التعليلَ . وجوابُ الشرطِ مقدرٌ أي : فهو المانُّ عليكم لا أنتم عليه وعليَّ .