إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

{ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا } أيْ يعدّونَ إسلامَهم منَّةً عليكَ وهيَ النعمةُ التِّي لا يطلبُ مُوليها ثواباً ممنْ أنعمَ بَها عليهِ من المَنِّ بمَعنى القطعِ لأَنَّ المقصودَ بها قطعُ حاجتِه وقيلَ النعمةُ الثقيلةُ من المَنِّ { قُل لاَ تَمنُّوا عَلَيَّ إسلامكم } أيْ لا تعدُوا إسلامَكُم منَّةً عليَّ أوْ لاَ تمنُّوا عليَّ بإسلامِكم فنصبَ بنزعِ الخافضِ { بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ للإيمان } عَلى ما زعمتُم مَعَ أنَّ الهدايةَ لا تستلزمُ الاهتداءَ وقُرئ إِنْ هداكُم وَإِذْ هداكُم { إِن كُنتُمْ صادقين } في ادعاءِ الإيمانِ وجوابُه محذوفٌ يدلُّ عليهِ ما قبلَهُ أيْ فللهِ المنةُ عليكُمْ ، وفي سياقِ النظمِ الكريمِ منَ اللطفِ ما لا يَخْفى فإنَّهمُ لمَّا سمَّوا ما صدرَ عنُهم إيماناً ومنُّوا بهِ فنُفَي كونُهُ إيماناً وسُمِّي إسلاماً قيلَ يمنونَ عليكَ بمَا هُو في الحقيقةِ إسلامٌ وليس بجديرٍ بالمَنِّ بلْ لو صَحَّ ادعاؤُهم للإيمانِ فلله المنةُ عليهِمْ بالهدايةِ إليهِ لاَ لهُمْ .