قوله ( تعالى{[52206]} ) : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ } يجوز في قوله : أَنْ أَسْلَمُوا وجهان :
أحدهما : أنه مفعول به لأنّه ضمن يمنون معنى يُعِيدُونَ كأنه قيل : يعيدون عليك إسلامهم مانِّين به عليك ولهذا صرح بالمفعول به في قوله : { قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } أي لا تُعيدوا عليَّ إسلامكم . كذا استدل أبو حَيَّان{[52207]} .
وفيه نظر ، إذ لقائل أن يقول : لا نسلم انتصاب «إِسْلاَمَكُمْ » على المفعول به ، بل يجوز فيه المفعول من أجله كما يجوز في محل «أَنْ أَسْلَمُوا » وهو الوجه الثاني{[52208]} فيه أي يمنون عليك لأجل أن أَسْلَمُوا فكذلك في قوله : { لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } ، وشروط النصب موجودة والمفعول له متى كان مضافاً اسْتَوَى جرّه بالحرف ونصبه .
قوله : { بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ } يعني لا مِنَّةَ لَكُمْ عَلَيْنَا أَصْلاً ، بل المنة عليكم حيث بينْتُ لكم الطرق المستقيم .
قوله : { أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ } أعرابه كقوله : «أن أَسْلَمُوا »{[52209]} . وقرأ زيد بن علي : إِذْ هَدَاكُمْ{[52210]} بِإِذْ مَكَانَ «أنْ » وهي في مصحف عبد الله كذلك . وهي تفيد التعليل ، وجواب الشرط مقدر أي فَهُوَ المَانُّ عليكم لا أَنتم{[52211]} عَلَيْه وعَلَيَّ .
فإن قيل : كيف مَنَّ عليهم بالهداية إلى الإيمان مع أنه تبين أنهم لم يؤمنوا ؟ .
أحدها : أنه تعالى لم يقل : بل الله يمن عليكم أن رزقكم الإيمانَ بلْ قال : أنْ هَدَاكُمْ للإِيمان .
وثانيها : أنَّ إرسال الرسول بالآيات البينات هدايةٌ .
ثالثها : أنه تعالى يمنُّ عليهم بما زعموا فكأنه قال : أنتم قلتم آمنا فذلك نعمة في حقكم حيث تخلصتم من النار فقال : هداكم في زعمكم ، و لهذا قال تعالى : { إِنُ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .
ثم قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ . . . } الآية ؛ وهذا تقرير لأول السورة حيث قال : «إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَليمٌ » ، فأخبر ههنا عن علمه وبصره{[52212]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.