تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

موقف الناس من القيامة .

{ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ( 17 ) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( 18 ) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ( 19 ) مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ( 20 ) } .

المفردات :

الكتاب : جنس الكتاب ، ويراد به الكتب السماوية كلها ، أو القرآن .

الميزان : العدل ، ويطلق الميزان على العدل لأنه آلته ووسيلته ، قال تعالى : { وأنزلنا معهم الكتاب والميزان . . . } ( الحديد : 25 ) . أي : الشرائع التي هي وسيلة العدل .

وما يدريك : وأي شيء يجعلك عالما داريا ؟

التفسير :

17- { الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب } .

إن الله تعالى هو الذي أنزل الرسل وأنزل الكتب السابقة : التوراة ، والإنجيل ، وأنزل القرآن الكريم مشتملا على الحق والعدل والتشريع ، وأخبار الأمم السابقة ، وتفصيل أحوال القيامة .

والمراد بالميزان : العدل والإنصاف .

قال المفسرون :

وسمي العدل ميزانا ، لأن الميزان يحصل به العدل والإنصاف ، فهو من تسمية الشيء باسم السبب ، أو باسم آلته ؛ لأن الميزان آلة الإنصاف والقسط بين الناس في معاملاتهم .

قال تعالى : { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط . . . } ( الحديد : 25 ) .

قال سبحانه وتعالى : { والسماء رفعها ووضع الميزان * ألا تطغوا في الميزان * وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان } . ( الرحمان : 7- 9 ) .

وما يعلمك أيها المخاطب لعل وقت الساعة قريب ، فإن الواجب على العاقل أن يحذر منها ، ويستعد لها ، فالموت يأتي بغتة ، ومن مات فقد قامت قيامته .

قال الشاعر :

كل امرئ مصبح في بيته *** والموت أدنى من شراك نعله

وقال الشاعر :

لا تغترر بشباب ناعم خضل *** فكم تقدم قبل الشيب شبان

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

قوله تعالى : " الله الذي أنزل الكتاب " وما يريدك لعل الساعة قريب يعني القرآن وسائر الكتب المنزلة . " بالحق " أي بالصدق . " والميزان " أي العدل . قاله ابن عباس وأكثر المفسرين . والعدل يسمى ميزانا ؛ لأن الميزان آلة الإنصاف والعدل . وقيل : الميزان ما بين في الكتب مما يجب على الإنسان أن يعمل به . وقال قتادة : الميزان العدل فيما أمر به ونهي عنه . وهذه الأقوال متقاربة المعنى . وقيل : هو الجزاء على الطاعة بالثواب وعلى المعصية بالعقاب . وقيل : إنه الميزان نفسه الذي يوزن به ، أنزله من السماء وعلم العباد الوزن به ؛ لئلا يكون بينهم تظالم وتباخس . قال الله تعالى : " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " {[13483]} [ الحديد : 25 ] . قال مجاهد : هو الذي يوزن به . ومعنى أنزل الميزان . هو إلهامه للخلق أن يعملوه ويعملوا به . وقيل : الميزان محمد صلى الله عليه وسلم يقضي بينكم بكتاب الله . " وما يدريك لعل الساعة قريب " فلم يخبره بها . يحضه على العمل بالكتاب والعدل والسوية ، والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئ اليوم الذي يكون فيه المحاسبة ووزن الأعمال ، فيوفى لمن أوفى ويطفف لمن طفف . ف " لعل الساعة قريب " أي منك وأنت لا تدري . وقال : " قريب " ولم يقل قريبة ؛ لأن تأنيثها غير حقيقي لأنها كالوقت . قاله الزجاج . والمعنى : لعل البعث أو لعل مجيء الساعة قريب . وقال الكسائي : " قريب " نعت ينعت به المذكر والمؤنث والجمع بمعنى ولفظ واحد . قال الله تعالى : " إن رحمة الله قريب من المحسنين " {[13484]} [ الأعراف : 56 ] قال الشاعر :

وكنا قريبا والديار بعيدة *** فلما وصلنا نُصْب أعينهم غِبْنَا


[13483]:آية 25 سورة الحديد.
[13484]:آية 56 سورة الأعراف. راجع ج 7 ص 227.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

{ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ( 17 ) }

الله الذي أنزل القرآن وسائر الكتب المنزلة بالصدق ، وأنزل الميزان وهو العدل ؛ ليحكم بين الناس بالإنصاف . وأي شيء يدريك ويُعْلمك لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريب ؟