تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ} (5)

1

المفردات :

عجاب : بالغ الغاية في العجب ، مثل : طويل وطوال .

التفسير :

5- { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب } .

كانوا يعبُدون آلهة شتى ، مثل اللات والعزّى ، ومناة الثالثة الأخرى ، وكان القرآن يناقشهم في عبادة أصنام لا تسمع ولا تجيب ، ولا تنفع ولا تضرّ ، ويستثير عقولهم للتفكير والتأمل ، فذهبوا إلى أبي طالب ، واشتكوا له من حملة محمد على الأصنام ، وتسفيه العقول التي تعبدها ، فأرسل إليه أبو طالب وقال له : أي ابن أخي ، ما بال قومك يشكونك ، يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول . . . ؟ وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " يا عم ، إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها ، تدين لهم بها العرب والعجم " ففرحوا لذلك وقالوا : ما هي ؟ وأبيك لنعطينّها وعشرا ، قال : " لا إله إلا الله " ، فقاموا فزعين ينقضون ثيابهم وهم يقولون : { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب } .

ومدار تعجبهم عجزا الإله الواحد عن إدارة هذا الكون الكبير الواسع ، وعدم وفاء علمه وقدرته بالأشياء الكثيرة الموجودة فيه .

ومعنى الآية :

ألفنا عبادة آلهة شتى ، لكل قبيلة إله ، ومحمد يريد منّا أن نعبد جميعا إلها واحدا ، إن هذا أمر عجيب عجبا شديدا ، بل هو غاية في الغرابة ، وقد بين القرآن لهم أن الغرابة هي عبارة آلهة شتى ، وأن العقل يحتّم أن يكون إله الكون واحدا ، قادرا متّصفا بكل كمال ، منزها عن كل نقص .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ} (5)

{ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا } أى : كيف ينهى عن اتخاذ الشركاء والأنداد ، ويأمر بإخلاص العبادة للّه وحده . { إِنَّ هَذَا } الذي جاء به { لَشَيْءٌ عُجَابٌ } أي : يقضي منه العجب لبطلانه وفساده .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ} (5)

قوله تعالى : { أجعل الآلهة إلهاً واحداً } وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم ، فشق ذلك على قريش ، وفرح به المؤمنون : فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش ، وهم الصناديد والأشراف ، وكانوا خمسة وعشرين رجلاً أكبرهم سناً الوليد بن المغيرة ، قال لهم : امشوا إلى أبي طالب ، فأتوا أبا طالب ، وقالوا له : أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء ، وإنا قد أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك ، فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه ، فقال : يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء ، فلا تمل كل الميل على قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا يسألونني ؟ قالوا : ارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم ؟ فقال أبو جهل : لله أبوك لنعطينكها وعشرا أمثالها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا لا إله إلا الله ، فنفروا من ذلك وقاموا ، وقالوا : أجعل الآلهة إلهاً واحداً ؟ كيف يسع الخلق كلهم إله واحد ؟ { إن هذا لشيء عجاب } أي : عجب ، والعجب والعجاب واحد ، كقولهم : رجل كريم وكرام ، وكبير وكبار ، وطويل وطوال ، وعريض وعراض .