السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ} (5)

{ أجعل } أي : صير بسبب ما يزعم أنه يوحى إليه { الآلهة } أي : التي نعبدها { إلهاً واحداً } كيف يسع الخلق كلهم إله واحد { إن هذا } أي : القول بالوحدانية { لشيء عجاب } أي : بليغ في العجب فإنه خلاف ما أطبق عليه آباؤنا ونشاهده من أن الواحد لا يفي عمله وقدرته بالأشياء الكثيرة ، وقال البغوي : العجب والعجاب واحد كقولهم : رجل كريم وكرام ، وكبير وكبار ، وطويل وطوال ، وعريض وعراض ، وسبب قولهم ذلك أنه روى أنه لما أسلم عمر رضي الله عنه شق ذلك على قريش وفرح به المؤمنون فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش : وهم الصناديد والأشراف وكانوا خمسة وعشرين رجلاً أكبرهم سناً الوليد بن المغيرة اذهبوا إلى أبي طالب ، فأتوا إليه وقالوا له : أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وإنا جئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك ، فأرسل أبو طالب إليه فحضر فقال له : يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل على قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماذا تسألونني ؟ فقالوا : ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا ، قال : أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أتعطوني أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم ؟ فقال أبو جهل : لله أبوك نعطيكها وعشر أمثالها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قولوا لا إله إلا الله فنفروا من ذلك وقاموا » فقالوا ذلك .