فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ} (5)

ثم أنكروا ما جاء به صلى الله عليه وسلم من التوحيد وما نفاه من الشركاء لله فقالوا : { أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ5 } .

أي صيرها { إِلَهًا وَاحِدًا } وقصرها على الله سبحانه { إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } أي الأمر بالغ في العجب إلى الغاية تعجبوا من هذا القصر والحصر وقالوا : كيف يسع الخلق كلهم إله واحد ، ومنشؤه أن القوم ما كانوا أصحاب نظر واستدلال بل كانت أوهامهم تابعة للمحسوسات فلما وجدوا في الشاهد أن الفاعل الواحد لا تفي قدرته وعلمه بحفظ الخلائق قاسوا الغائب على الشاهد ، وأن أسلافهم لكثرتهم وقوة عقولهم كانوا مطبقين على الشرك توهموا أن كونهم على هذه الحال محال أن يكونوا مبطلين فيه ، ويكون الإنسان الواحد محقا ، فلعمري لو كان التقليد حقا كانت الشبهة لازمة ، قال الكرخي .

قال الجوهري : العجيب الأمر الذي يتعجب منه وكذلك العجاب بالضم ، والعجاب بالتشديد أكثر منه ، قرأ الجمهور عجاب بالتخفيف وقرئ بتشديد الجيم ، قال مقاتل : بالتخفيف لغة أزد شنوءة ، قيل : والعجاب بالتخفيف والتشديد يدل على أنه قد يجاوز الحد في العجب كما يقال : الطويل للذي فيه طول والطوال للذي قد تجاوز حد الطول وكلام الجوهري يفيد اختصاص المبالغة بعجاب مشدد الجيم لا بالمخفف وقد قدمنا في صدر هذه السورة سبب نزول هذه الآيات .