تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة التكوير

أهداف سورة التكوير

( سورة التكوير مكية ، وآياتها 29 آية ، نزلت بعد سورة المسد )

وتشتمل سورة التكوير على ثروة ضخمة من المشاهد الرائعة في هذا الكون ، حين تنتهي الحياة ، ويختل نظامها ، وينفرط عقد الكون وتتناثر أجزاؤه ، ويذهب عنه التماسك الموزون والحركة المضبوطة ، والصنعة المتينة .

والسورة تشتمل على مقطعين اثنين ، تعالج في كل مقطع منهما تقرير حقيقة ضخمة من حقائق العقيدة :

الأولى : حقيقة القيامة ، وما يصاحبها من انقلاب كوني هائل كامل ، يشمل الشمس والنجوم ، والجبال والبحار ، والأرض والسماء ، والأنعام والوحوش ، كما يشمل بني الإنسان .

والثانية : حقيقة الوحي ، وما يتعلق بها من صفة الملك الذي يحمله ، وصفة النبي الذي يتلقاه ، ثم شأن المخاطبين بهذا الوحي معه ، ومع المشيئة الكبرى التي فطرتهم وأنزلت لهم الوحي .

مع آيات السورة

بدأ سبحانه هذه السورة الكريمة بذكر يوم القيامة ، وما يكون فيه من أحداث هائلة ، وحين تقع هذه الأحداث تعلم كل نفس ما قدّمت من عمل خيرا كان أو شرا .

1- إذا كورت الشمس وسقطت وتدهورت ، وانطفأت شعلتها ، وانكمشت ألسنتها الملهبة ، وذهب ضوءها ، واختل نظام الكون .

2- وإذا تناثرت النجوم ، وأظلم نورها ، وذهب لألاؤها .

3- وإذا انفصلت الجبال عن الأرض ، وسارت في الجو كما يسير السحاب ، وتبع ذلك نسفها وبسها وتذريتها في الهواء ، كما جاء في سورة طه : ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا . ( طه : 105 ) .

4- وإذا تركت العشار وأهملت ، والعشار : هي النوق الحبالى في شهرها العاشر ، وهي أجود وأثمن ما يملكه العربي ، فإذا انشغل الناس عنها بأهوال القيامة عطلت وأهملت .

5- وإذا اجتمعت الوحوش الكاسرة ذليلة هادئة قد نسيت غريزتها ، مضت هائمة على وجوهها لا تأوي إلى جحورها ، ولا تنطلق وراء فرائسها ، وقد حشرها هول الموقف ذاهلة متغيرة الطباع ، فكيف بالناس في ذلك اليوم العصيب ؟

6- وإذا التهبت البحار وامتلأت نارا ، أو فجرت الزلازل ما بينها حتى اختلطت وعادت بحرا واحدا .

7- وإذا اقترنت الأرواح بأبدانها ، أو إذا قرن كل شبيه بشبيهه ، وضمت كل جماعة من الأٍرواح المتجانسة في مجموعة .

8 ، 9- وإذا سئلت الموءودة بين يدي قاتلها عن السبب الذي لأجله قتلت ، ليكون جوابها أشد وقعا على الوائد ، فإنها ستجيب أنها قتلت بلا ذنب جنته .

وقد افتنّ العرب في الوأد ، وكان الوأد يتم في صورة قاسية ، إذ كانت تدفن البنت حية ، أو تجلس المرأة عند المخاض فوق بئر محفورة ، فإذا كان المولود بنتا رمت بها فيها وردمتها ، وإن كان ذكرا قامت به معها ، وبعضهم كان إذا عزم على استبقاء بنته فإنه يمسكها إلى أن تقدر على الرعي ، ثم يلبسها جبة من صوف أو شعر ، ويرسلها إلى البادية ترعى له إبله ، فلما جاء الإسلام سما بالمرأة وكرمها ، وليدة وناشئة وزوجة وأمّا ، وحرّم وأد البنات وشفع بالتشنيع على من يفعله .

قال تعالى : وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم* يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون . ( النحل : 58 ، 59 ) .

10- وإذا نشرت صحف الأعمال ، وكشفت وعرفت فلم تعد مستورة بل صارت منشودة مشهورة .

11- وإذا السماء كشطت وأزيلت ، فلم يبق غطاء ولا سماء .

12 ، 13- وإذا أوقدت النار واشتد لهيبها ووهجها وحرارتها ، وإذا أدنيت الجنة من المتقين تكريما وإيناسا لهم .

14-عندما تقع هذه الأحداث الهائلة في كيان الكون ، وفي أحوال الأحياء والأشياء ، علمت كل نفس ما قدمت من خير أو شر ، وما تزودت به لهذا اليوم ، وما حملت معها للعرض ، وما أحضرت للحساب ، وهي لا تستطيع أن تغير فيه ولا أن تبدل ، فالدنيا عمل ولا حساب ، والآخرة حساب ولا عمل .

وهنا ينتهي المقطع الأول من السورة ، وقد امتلأ الحس وفاض بمشاهد اليوم الذي يتم فيه هذا الانقلاب .

المقطع الثاني

بعد أن ذكرت السورة من أحوال القيامة وأهوالها ما ذكرت ، أتبعت ذلك ببيان أن ما يحدثهم به الرسول صلى الله عليه وسلم هو القرآن الكريم الذي أنزل عليه ، وهو آيات بينات من الهدى ، وأن ما رميتموه به من المعايب كقولكم : إنه ساحر أو مجنون أو كذاب أو شاعر ، ما هو إلا محض افتراء .

15 ، 16- يقسم الله تعالى قسما مؤكدا بالكواكب الخنّس : التي تخنس ، أي ترجع في دورتها الفلكية ، الجوار الكنّس : التي تجري وتعود إلى أمكانها .

17- والليل إذا أدبر وولّى وزالت ظلمته ، أو إذا أقبل ظلامه .

18- والصبح إذا أسفر وظهر نوره ، وفي ذلك بشرى للأنفس بحياة جديدة في نهار جديد ، ومن الجمال في هذا التعبير إضفاء الحياة على النهار الوليد ، فإذا الصبح حي يتنفس .

( وأكاد أجزم أن اللغة العربية لا تحتوي نظيرا لهذا التعبير عن الصبح ، رؤية الفجر تكاد تشعر القلب المتفتح أنه بالفعل يتنفس ، ثم يجيء هذا التعبير فيصوّر هذه الحقيقة التي يشعر بها )i .

19-22- وجواب القسم : إن هذا القرآن ، وهذا الوصف لليوم الآخر لقول رسول كريم ، وهو جبريل الذي حمل هذا القول وأبلغه ، فصار قوله باعتبار تبليغه .

ويذكر صفة هذا الرسول الذي اختير لحمل هذا القول وإبلاغه ، فينعته بخمسة أوصاف ، هي :

1- ( كريم ) أي : عزيز على ربه .

2- ( ذي قوة ) في الحفظ والبعد عن النسيان والخطأ .

3- ( عند ذي العرش مكين ) أي : ذي جاه ومنزلة عند ربه .

4- ( مطاع ثم ) أي : هناك في الملأ الأعلى عند الله في ملائكته المقربين ، فهم يصدرون عن أمره ويرجعون إليه .

5- ( أمين ) على وحي ربه ورسالاته ، قد عصمه من الخيانة فيما يأمره به ، وجنّبه الزلل فيما يقوم به من الأعمال .

هذه صفة الرسول المبلّغ وهو جبريل عليه السلام ، أما الرسول الذي حمله إليكم وخاطبهم بالقرآن فهو صاحبكم الذي عرفتموه حق المعرفة عمرا طويلا ، وعرفتم عنه الصدق والأمانة ، وليس مجنونا كما تدّعون .

23- ولقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام ، وهو بالأفق الأعلى عند سدرة المنتهى بالأفق المبين ، أي رآه رؤية واضحة عند الأفق الواضح .

24- وليس محمد صلى الله عليه وسلم بالمتهم على القرآن وما فيه من قصص وأنباء وأحكام ، بل هو ثقة أمين لا يأتي به من عند نفسه ، ولا يبدل منه حرفا بحرف ، ولا معنى بمعنى ، إذ لم يعرف عنه الكذب في ماضي حياته ، فهو غير متهم فيما يحكيه عن رؤية جبريل وسماع الشرائع منه .

25- وليس القرآن قول شيطان ألقاه على لسان محمد حين خالط عقله كما تزعمون ، فالشياطين لا توحي بهذا النهج القويم .

26- ثم يسألهم مستنكرا : فأين تذهبون . أي : فأي سبيل تسلكونها وقد سدت عليكم السبل ، وأحاط بكم الحق من جميع جوانبكم ، وبطلت مفترياتكم ، فلم تبق لكم سبيل تستطيعون الهرب منها .

27- ثم بين حقيقة القرآن فقال : إن هو إلا ذكر للعالمين . أي : ليس القرآن إلا عظة للخلق كافة ، يتذكرون بها ما غرز في طباعهم من حب الخير ، وهو ذكر يذكرهم بحقيقة نشأتهم ، وحقيقة وجودهم ، وحقيقة الكون من حولهم ، وهو أعظم عظة للعالمين جميعا .

28 ، 29- وإن على مشيئة المكلف تتوقف الهداية ، فمن أراد الحق واتجه بقلبه إلى الطريق القويم ، هداه الله إليه ، ويسّر له أمره ، وأمده بالعون والتوفيق ، وبذلك يستقر في قلب كل إنسان أن مشيئته طرف وخيط راجع في أصله إلى مشيئة الله الكبرى وإرادته المطلقة ، فيلجأ كل إنسان إلى ساحة مولاه ، وإلى عناية خالقه ، فعنده سبحانه العون والتوفيق ، والهدى والسداد : وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين .

***

موضوعات السورة

1- وصف أهوال القيامة .

2- القسم بالنجوم وبالليل وبالصبح على أن القرآن منزل من عند الله بواسطة ملائكته .

3- إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .

4- بيان أن القرآن عظة وذكر لمن أراد الهداية .

5- مشيئة العبد تابعة لمشيئة الرب ، وليس لها استقلال بالعمل .

أحوال القيامة

بسم الله الرحمان الرحيم

{ إذا الشمس كوّرت 1 وإذا النجوم انكدرت 2 وإذا الجبال سيّرت 3 وإذا العشار عطّلت 4 وإذا الوحوش حشرت 5 وإذا البحار سجّرت 6 وإذا النفوس زوّجت 7 وإذا الموءودة سئلت 8 بأي ذنب قتلت 9 وإذا الصّحف نشر 10 وإذا السماء كشطت 11 وإذا الجحيم سعّرت 12 وإذا الجنة أزلفت 13 علمت نفس ما أحضرت 14 }

المفردات :

الشمس كورت : أزيل ضياؤها ، أو لفّت وطويت .

التفسير :

1- إذا الشمس كوّرت .

هذه الآية وما بعدها من علامات اضمحلال هذا الكون ونهايته ، حيث تتغير المعالم ، وتبدّل الأرض غير الأرض والسماوات ، ويختل نظام الكون ، وقد تكرر لفظ : إذا . في الآيات الأولى من سورة التكوير اثنتي عشرة مرة ، وجواب الشرط قوله تعالى : علمت نفس ما أحضرت .

وتكرير لفظ : إذا . اثنتي مرة من مقاصده التشويق للجواب ، لأن السامع عندما يجد هذا الظرف قد تكرر ، يكون في ترقب وشوق لمعرفة الجواب .

والمعنى :

إذا شاخت الشمس ، وانطفأ نورها ، وأصبحت من النجوم القزمة التي أدّت دورها ، ووجب أن تلفّ وتطوى ، فتكوّر تمهيدا لذلك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة التكوير [ وهي ] مكية

{ 1 - 14 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ }

أي : إذا حصلت هذه الأمور الهائلة ، تميز الخلق ، وعلم كل أحد ما قدمه لآخرته ، وما أحضره فيها من خير وشر ، وذلك إذا كان يوم القيامة تكور الشمس أي : تجمع وتلف ، ويخسف القمر ، ويلقيان في النار .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

سورة التكوير مكية.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

مكية في قول الجميع...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

في الترمذي: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن ينظر إلى يوم القيامة [كأنه رأي عين] فليقرأ إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت). قال: هذا حديث حسن [غريب]...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

مقصودها:

التهديد الشديد بيوم الوعيد الذي هو محط الرحال، لكونه أعظم مقام لظهور الجلال، لمن كذب بأن هذا القرآن تذكرة لمن ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة...

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

سورة التكوير، ويقال سورة كورت، وسورة إذا الشمس كورت... وفيها من شرح حال يوم القيامة الذي تضمنه آخر السورة قبل ما فيها...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هذه السورة ذات مقطعين اثنين تعالج في كل مقطع منهما تقرير حقيقة ضخمة من حقائق العقيدة: الأولى حقيقة القيامة، وما يصاحبها من انقلاب كوني هائل كامل، يشمل الشمس والنجوم والجبال والبحار، والأرض والسماء، والأنعام والوحوش، كما يشمل بني الإنسان. والثانية حقيقة الوحي، وما يتعلق بها من صفة الملك الذي يحمله، وصفة النبي الذي يتلقاه، ثم شأن القوم المخاطبين بهذا الوحي معه، ومع المشيئة الكبرى التي فطرتهم ونزلت لهم الوحي. والإيقاع العام للسورة أشبه بحركة جائحة. تنطلق من عقالها. فتقلب كل شيء، وتنثر كل شيء؛ وتهيج الساكن وتروع الآمن؛ وتذهب بكل مألوف وتبدل كل معهود...

وفي السورة -مع هذا- ثروة ضخمة من المشاهد الرائعة، سواء في هذا الكون الرائع الذي نراه، أو في ذلك اليوم الآخر الذي ينقلب فيه الكون بكل ما نعهده فيه من أوضاع. وثروة كذلك من التعبيرات الأنيقة! المنتقاة لتلوين المشاهد والإيقاعات. وتلتقي هذه وتلك في حيز السورة الضيق، فتضغط على الحس وتنفذ إليه في قوة وإيحاء. ولولا أن في التعبير ألفاظا وعبارات لم تعد مألوفة ولا واضحة للقارئ في هذا الزمان، لآثرت ترك السورة تؤدي بإيقاعها وصورها وظلالها وحقائقها ومشاهدها، مالا تؤديه أية ترجمة لها في لغة البشر؛ وتصل بذاتها إلى أوتار القلوب فتهزها من الأعماق. ولكن لا بد مما ليس منه بد. وقد بعدنا في زماننا هذا عن مألوف لغة القرآن!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سماها تسمية صريحة. وفي حديث الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت. وليس هذا صريحا في التسمية لأن صفة يوم القيامة في جميع هذه السورة بل هو في الآيات الأول منها، فتعين أن المعنى: فليقرأ هذه الآيات، وعنونت في صحيح البخاري وفي جامع الترمذي سورة إذا الشمس كورت، وكذلك عنونها الطبري. وأكثر التفاسير يسمونها سورة التكوير، وكذلك تسميتها في المصاحف وهو اختصار لمدلول {كورت}. وتسمى سورة كورت، تسمية بحكاية لفظ وقع فيها...

أغراضها: اشتملت على تحقيق الجزاء صريحا. وعلى إثبات البعث وابتدئ بوصف الأهوال التي تتقدمه، وأنتقل إلى وصف أهوال تقع عقبه. وعلى التنويه بشأن القرآن الذي كذبوا به لأنه أوعدهم بالبعث زيادة لتحقيق وقوع البحث إذ رموا النبي صلى الله عليه وسلم بالجنون، والقرآن بأنه يأتيه به شيطان...

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

السورة فصلان:

الأول: في صدد يوم القيامة وهول أعلامه وحساب الناس فيه ومصائرهم.

والثاني: في صدد توكيد صدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من صلته بوحي الله وملكه ونفي الجنون عنه وصلة الشيطان به.

والفصلان على اختلاف موضوعيهما غير منفصلين عن بعضهما، والمرجح أنهما نزلا متتابعين فوضع الواحد بعد الآخر...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

هذه السورة من السور المكية التي تتحدث عن أجواء يوم القيامة وما يجري فيه من أحداث كونية تكون بمثابة علامات وآيات تدل عليه، كتكوّر الشمس، وانكدار النجوم، وتسيير الجبال، وتعطل العشار، وحَشْر الوحوش، وتسجّر البحار، وتزوج النفوس، عندها تسأل الموءودة: لماذا قُتلت؟ وتنشر الصحف، وتكشط السماء، وتسعّر الجحيم، وتقرّب الجنة.. وكل هذه الأجواء الهائلة المرعبة تشكل الممهّدات الكونية، أو الإطار الكوني لحدٍث مصيرٍّي آخر، هو مواجهة الإنسان نفسه لأعماله بخيرها وشرّها معاً. ثم تتحدث عن القرآن الذي يشكّك فيه هؤلاء، ليؤكد أنه لَقول رسول كريم وليس قول مجنون، كما يحاول البعض أن يثير الضباب من حوله. وتتابع الحديث عن صفة الملك الذي جاء بالوحي، الذي يريد الله من الناس أن يعتبروه ذكراً يدفعهم إلى الاستقامة التي تتحرّك بها مشيئة الإنسان الخاضعة لمشيئة الله...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ"؛

فقال بعضهم: معنى ذلك: إذا الشمس ذهب ضوؤُها...

عن أبي العالية، قال: ثني أبيّ بن كعب، قال: ستّ آيات قبل يوم القيامة: بينا الناس في أسواقهم، إذ ذهب ضوء الشمس، فبينما هم كذلك، إذ تناثرت النجوم، فبينما هم كذلك، إذ وقعت الجبال على وجه الأرض، فتحرّكت واضطربت واحترقت، وفزَعت الجنّ إلى الإنس، والإنس إلى الجنّ، واختلطت الدوابّ والطير والوحش، وماجوا بعضهم في بعض وَإذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ قال: اختلطت وَإذَا الْعِشارُ عُطّلَتْ قال: أهملها أهلها وَإذَا الْبِحارُ سُجّرَتْ قال: قالت الجنّ للإنس: نحن نأتيكم بالخبر قال: فانطلقوا إلى البحار، فإذا هي نار تأجّج قال: فبينما هم كذلك إذ تصدّعت الأرض صدعة واحدة، إلى الأرض السابعة السفلى، وإلى السماء السابعة العليا قال: فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم...

عن ابن عباس، قوله: "إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ" يقول: أظلمت ....

.... عن سعيد، في قوله: "إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ" قال: غُوّرت...

وقال آخرون: معنى ذلك: رُمي بها...

عن أبي صالح، في قوله: "إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ" قال: نُكّست... والصواب من القول في ذلك عندنا: أن يقال كُوّرَتْ كما قال الله جلّ ثناؤه والتكوير في كلام العرب: جمع بعض الشيء إلى بعض، وذلك كتكوير العمامة، وهو لفها على الرأس...

وكذلك قوله: "إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ" إنما معناه: جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت فرمي بها، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوؤها. فعلى التأويل الذي تأوّلناه وبيّناه لكلا القولين اللذين ذكرت عن أهل التأويل، وجه صحيح، وذلك أنها إذا كُوّرت ورُمي بها، ذهب ضوؤها...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

هذا ليس بابتداء خطاب، ولكنه جواب عن سؤال تقدم؛ فيشبه أن يكون السؤال عن وقت لقاء الأنفس والأعمال، فنزل قوله: {إذا الشمس كورت} للإشارة إلى أحوال ذلك الوقت وآثارها على ما يذكر المعنى الذي له وقع لتبيين الأحوال دون تبيين الوقت في سورة. {إذا السماء انفطرت} [الانفطار: 1]. واختلف في قوله تعالى: {كورت}... فالتكوير يغطي كون الشيء عن الأبصار، فقيل: كورت الشمس أي حبس ضوؤها على الأبصار بالطمس، فيكون فيه إنباء أنه يطمس ظاهرها، ثم يرد التغيير في نفسها، فتتلف وتتلاشى...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

يقول الله تعالى مخبرا عن وقت حضور القيامة وحصول شدائدها (إذا الشمس كورت) فاللفظ وإن كان ماضيا فالمراد به الاستقبال، لأنه إذا أخبر تعالى بشيء فلابد من كونه، فكأنه واقع... والتكوير: تلفيف على جهة الاستدارة، ومنه كور العمامة... ومنه قولهم: أعوذ بالله من الحور بعد الكور، أي من النقصان بعد الزيادة...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

في التكوير وجهان: أن يكون من كوّرت العمامة إذا لففتها، أي: يلف ضوؤها لفاً فيذهب انبساطه وانتشاره في الآفاق، وهو عبارة عن إزالتها والذهاب بها؛ لأنها ما دامت باقية كان ضياؤها منبسطاً غير ملفوف. أو يكون لفها عبارة عن رفعها وسترها؛ لأنّ الثوب إذا أريد رفعه لفّ وطوي؛ ونحوه قوله: {يَوْمَ نَطْوِى السماء} [الأنبياء: 104]...أي: تلقى وتطرح عن فلكها، كما وصفت النجوم بالانكدار...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هذه كلها أوصاف يوم القيامة، و «تكوير الشمس»: هو أن تدار ويذهب بها إلى حيث شاء الله كما يدار كور العمامة...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى ذكر اثني عشر شيئا، وقال: إذا وقعت هذه الأشياء فهنالك {علمت نفس ما أحضرت}؛

(فالأول): قوله تعالى: {إذا الشمس كورت}...

التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :

قرأ قارئ: {إذا الشمس كورت}، وفي الحاضرين أبو الوفاء بن عقيل. فقال له قائل: يا سيدي، هب أنه أنشر الموتى للبعث والحساب، وزوج النفوس بقرنائها بالثواب والعقاب، فلم هدم الأبنية وسير الجبال، ودك الأرض، وفطر السماء، ونثر النجوم، وكور الشمس؟ فقال: إنما بنى لهم الدار للسكنى والتمتع، وجعلها وجعل ما فيها للاعتبار والتفكر، والاستدلال عليه لحسن التأمل والتذكر. فلما انقضت مدة السكنى، وأجلاهم من الدار خربها، لانتقال الساكن منها. فأراد أن يعلمهم بأن الكون كان معمورا بهم، وفي إحالة الأحوال، وإظهار تلك الأهوال، بيان المقدرة بعد بيان العزة، وتكذيب لأهل الإلحاد، وزنادقة المنجمين، وعباد الكواكب والشمس والقمر والأوثان، فيعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين. فإذا رأوا آلهتهم قد انهدمت، وأن معبوداتهم قد انثرت وانفطرت، ومحالها قد تشققت، ظهرت فضائحهم، وتبين كذبهم، وظهر أن العالم مربوب محدث، مدبر، له رب يصرفه كيف يشاء، تكذيبا لملاحدة الفلاسفة القائلين بالقدم. فكم لله تعالى من حكمة في هدم هذه الدار، ودلالة على عظيم عزته وقدرته، وسلطانه، وانفراده بالربوبية، وانقياد المخلوقات بأسرها لقهره، وإذعانها لمشيئته. فتبارك الله رب العالمين...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إذا الشمس كورت} قال بادئاً بعالم الملك والشهادة لأنه أقرب تصوراً لما يغلب على الإنسان من الوقوف مع المحسوسات، معلماً بأنه سيخرب تزهيداً في كل ما يجر إليه وحثاً على عدم المبالاة به والابتعاد من التعلق بشيء من أسبابه: {إذا الشمس} أي التي هي أعظم آيات السماء الظاهرة وأوضحها للحس. ولما كان المهول مطلق تكويرها الدال على عظمة مكورها، بني للمفعول على طريقة كلام القادرين قوله: {كورت} أي لفت بأيسر أمر من غير كلفة ما أصلاً، فأدخلت في العرش -كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما فذهب ما كان ينبسط من نورها...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

إن تكوير الشمس قد يعني برودتها، وانطفاء شعلتها، وانكماش ألسنتها الملتهبة التي تمتد من جوانبها كلها الآن إلى ألوف الأميال حولها في الفضاء...

أما كيف يقع والعوامل التي تسبب وقوعه فعلم ذلك عند الله...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الافتتاح ب {ذا} افتتاح مشوِّق لأن {إذا} ظرف يستدعي متعلَّقاً، ولأنه أيضاً شرط يؤذن بذكر جَواب بعده، فإذا سمعه السامع ترقب ما سيأتي بعده فعند ما يسمعه يتمكن من نفسه كمال تمكّن، وخاصة بالإطناب بتكرير كلمة {إذا}. وتعدّدِ الجمل التي أضيف إليها اثنتيْ عشرة مرة، فإعادة كلمة {إذا} بعد واو العطف في هذه الجمل المتعاطفة إطناب، وهذا الإِطناب اقتضاهُ قصد التهويل، والتهويل من مقتضيات الإِطناب والتكرير... وفي إعادة {إذا} إشارة إلى أن مضمون كل جملة من هذه الجمل الاثنتي عشرة مستقل بحصول مضمون جملة الجواب عند حصوله بقطع النظر عن تفاوت زمان حصول الشروط فإن زمن سؤال الموءودة ونشر الصحف أقرب لعلم النفوس بما أحضرت أقرب من زمان تكوير الشمس وما عطف عليه مما يحصل قبل البعث. وقد ذكر في هذه الآيات اثنا عشر حدثاً فستة منها تحصل في آخر الحياة الدنيوية، وستة منها تحصل في الآخرة. وكانت الجمل التي جعلت شروطاً ل {إذا} في هذه الآية مفتتحة بالمسند إليه المخبَر عنه بمسندٍ فعْلِيَ دون كونها جملاً فعلية ودون تقدير أفعال محذوفة تفسرها الأفعال المذكورة وذلك يؤيد قول نحاة الكوفة بجواز وقوع شرط {إذا} جملة غيرَ فعلية وهو الراجح لأن {إذا} غير عريقة في الشرط. وهذا الأسلوب لقصد الاهتمام بذكر ما أسندت إليه الأفعال التي يغلب أن تكون شروطاً ل {إذا} لأن الابتداء بها أدخل في التهويل والتشويق وليفيد ذلك التقديمُ على المسند الفعلي تَقَوِّيَ الحكم وتأكيده في جميع تلك الجمل رداً على إنكار منكريه فلذلك قيل: {إذا الشمس كورت} ولم يقل: إذا كورت الشمس، وهكذا نظائره. وجواب الشروط الاثني عشر هو قوله: {علمت نفس ما أحضرت} وتتعلق به الظروف المشْرَبة معنى الشرط. وصيغة الماضي في الجمل الاثِنْتَي عشرة الواردة شروطاً ل {إذا} مستعملةٌ في معنى الاستقبال تنبيهاً على تحقق وقوع الشرط. وتكوير الشمس: فساد جِرمها لتداخل ظاهرها في باطنها بحيث يختل تركيبها فيختل لاختلاله نظام سيرها، من قولهم: كَوَّر العمامة، إذا أدخل بعضها في بعض ولفّها، وقريب من هذا الإطلاق إطلاق الطيّ في قوله تعالى: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب} [الأنبياء: 104]. وفسر {كورت} بمعنى غورت. رواهُ الطبري عن ابن جبير وقال: هي كلمة معربة عن الفارسية وأن أصلها بالفارسية كُور بِكْر (بضم الكاف الأولى وسكون الراء الأخيرة) وعلى ذلك عُدّت هذه الكلمة مما وقع في القرآن من المعرّب. وقد عدها ابن السبكي في نظمه الكلمات المعربة في القرآن. وإذا زال ضوء الشمس انكدرت النجوم لأن معظمها يستنير من انعكاس نور الشمس عليها...

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب. والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي عشرون وثمان آيات

{ إذا الشمس كورت } ذهب ضوؤها

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

مكية في قول الجميع . وهي تسع وعشرون آية .

وفي الترمذي : عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سره أن ينظر إلي يوم القيامة [ كأنه رأي عين ] فليقرأ إذا الشمس كورت ، وإذا السماء انفطرت ، وإذا السماء انشقت ) . قال : هذا حديث حسن [ غريب ]{[1]} .

قوله تعالى : " إذا الشمس كورت " قال ابن عباس : تكويرها : إدخالها في العرش . والحسن : ذهاب ضوئها . وقاله قتادة ومجاهد : وروي عن ابن عباس أيضا . سعيد بن جبير : عورت . أبو عبيدة : كورت مثل تكوير العمامة ، تلف فتمحى . وقال الربيع بن خيثم : " كورت رمي بها . ومنه : كورته فتكور . أي سقط .

قلت : وأصل التكوير : الجمع ، مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها أي لاثها وجمعها فهي تكور ويمحى ضوءها ، ثم يرمى بها في البحر . والله أعلم . وعن أبي صالح : كورت : نكست .


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التكوير{[1]}

مقصودها التهديد الشديد{[2]} بيوم الوعيد الذي هو محط الرحال ، لكونه أعظم مقام لظهور الجلال ، لمن كذب بأن{[3]} هذا القرآن تذكرة {[4]}لمن ذكره{[5]} في صحف مكرمة {[6]}مرفوعة مطهرة{[7]} بأيدي سفرة ، والدلالة على حقية كونه كذلك بأن{[8]} السفير به أمين في الملأ الأعلى مكين المكانفة فيما هنالك والموصل له إلينا منزه عن التهمة برئ من النقص لما يعلمونه من حاله قبل النبوة وما كانوا يشهدون له به من الكمال في صحبته لهم المتطاولة التي نبههم بالتعليق بها على ما لا يشكون فيه من أمره ولم يأتهم بعدها إلا بما{[9]} هو شرف له وتذكير بما في أنفسهم وفي الآفاق من الآيات ، وذلك كاف [ لهم-{[10]} ] في الحكم بأنه صدق والعلم اليقين بأنه حق ، واسمها التكوير أدل{[11]} ما فيها على ذلك بتأمل الظرف وجوابه وما فيه من بديع القول وصوابه ، وما تسبب عنه من عظم الشأن لهذا القرآن { بسم الله } الواحد القهار { الرحمن } الذي عمت نعمة إيجاده وبيانه الأبرار والفجار { الرحيم* }الذي خص أهل وداده بما أسعدهم في دار القرار .

لما ختمت سورة عبس{[71816]} بوعيد الكفرة الفجرة-{[71817]} بيوم الصاخة لجحودهم {[71818]}بما لهذا{[71819]} القرآن من التذكرة ، ابتدئت هذه بإتمام ذلك ، فصور ذلك اليوم بما يكون فيه من الأمور الهائلة من عالم الملك والملكوت حتى كأنه رأى عين كما رواه{[71820]} الإمام أحمد{[71821]} والترمذي{[71822]} والطبراني{[71823]} وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم برجال ثقات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة رأي العين فليقرأ { إذا الشمس كورت } " [ التكوير : 1 ] فقال بادئاً بعالم الملك والشهادة لأنه أقرب تصوراً لما يغلب على الإنسان من الوقوف مع المحسوسات ، معلماً بأنه سيخرب تزهيداً في كل ما يجر إليه وحثاً على عدم المبالاة به والابتعاد من التعلق بشيء من أسبابه : { إذا الشمس } أي التي هي أعظم آيات السماء الظاهرة {[71824]}وأوضحها للحس .

ولما كان المهول مطلق تكويرها الدال على عظمة مكورها ، بني للمفعول على طريقة كلام القادرين قوله : { كورت * } أي لفت بأيسر أمر من غير كلفة{[71825]} ما أصلاً ، فأدخلت في العرش - كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما{[71826]} فذهب ما كان ينبسط من نورها ، من كورت العمامة - إذا لففتها فكان بعضها على بعض وانطمس بعضها ببعض ، والثوب - إذا جمعته فرفعته ، فالتكوير كناية عن رفعها أو إلقائها في جهنم زيادة في عذاب أهلها ولا سيما عبدتها ، أو ألقيت عن فلكها ، من طعنه فكوره أي ألقاه مجتمعاً ، والتركيب للإدارة والجمع والرفع للشمس ، فعل دل عليه " كورت " لأن " إذا " تطلب الفعل لما فيها من معنى الشرط ،


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[8]:- ليس في م ومد وظ.
[9]:- سورة 38 آية 29.
[10]:- في م وظ: اخرجه.
[11]:- ليس في م.
[71816]:سقط من ظ و م.
[71817]:زيد من ظ و م.
[71818]:من ظ و م، وفي الأصل: بهذا.
[71819]:من ظ و م، وفي الأصل: بهذا.
[71820]:من ظ و م، وفي الأصل: رآه.
[71821]:راجع المسند 2/27.
[71822]:راجع الجامع-التفسير.
[71823]:راجع مجمع الزوائد 7/134.
[71824]:العبارة من هنا إلى ما سننبه عليه نسخت من ظ.
[71825]:من م، وفي ظ: ألفة.
[71826]:راجع البحر المحيط 8/431.