{ ليسئل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما . . . }
الصادقين : الأنبياء الصادقين .
عن صدقهم : في تبليغ الرسالة وعما قاوله لقومهم .
لقد أخذ الله الميثاق على الرسل بتبليغ الرسالة والدعوة والصبر والمجاهدة في سبيل هذه الدعوة حتى يسأل الله الأنبياء عن نتيجة تبليغهم للرسالة فالمراد بالصادقين الرسل .
والمعنى : ليسأل الصادقين عن نتيجة تبليغ رسالتهم فمن استجاب وصدق فله الجنة ومن كفر فله العذاب الأليم .
وأفاد القرطبي أن الآية تحتمل معنى آخر وهو : ليسأل الله المؤمنين الصادقين عن صدقهم ومآثرهم وأعمالهم الجليلة ، كما يسأل التلميذ النجيب عن إجابته المتميزة فهو سؤال تشريف وتكريم كما يسأل الكفار سؤال توبيخ .
قال تعالى : فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين . ( الأعراف : 6 ) .
وفي معنى الآية قوله الله تعالى : يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أحجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب . ( المائدة : 109 ) .
وفي هذا تنبيه أي : إذا كان الأنبياء يسألون فكيف من سواهم ؟
قال ابن كثير : ونحن نشهد أن الرسل بلغوا رسالات ربهم ونصحوا الأمم وأفصحوا لهم عن الحق المبين الواضح الجلي الذي لا لبس فيه ولا شك ولا افتراء وإن كذبهم من الجهلة والمعاندين والمارقين والقاسطين فما جاءت به الرسل فهو الحق ومن خالفهم فهو على الضلال ، أه .
قوله تعالى : " ليسأل الصادقين عن صدقهم " فيه أربعة أوجه : أحدها : ليسأل الأنبياء عن تبليغهم الرسالة إلى قومهم . حكاه النقاش . وفي هذا تنبيه ، أي إذا كان الأنبياء يسألون فكيف من سواهم . الثاني : ليسأل الأنبياء عما أجابهم به قومهم ، حكاه علي بن عيسى . الثالث : ليسأل الأنبياء عليهم السلام عن الوفاء بالميثاق الذي أخذه عليهم ، حكاه ابن شجرة . الرابع : ليسأل الأفواه الصادقة عن القلوب المخلصة ، وفي التنزيل : " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين " [ الأعراف : 6 ] . وقد تقّدم{[12720]} . وقيل : فائدة سؤالهم توبيخ الكفار ، كما قال تعالى : " أأنت قلت للناس " {[12721]} [ المائدة : 116 ] . " وأعد للكافرين عذابا أليما " وهو عذاب جهنم .
ولما كان الأخذ على النبيين في ذلك اخذاً على أممهم ، وكان الكفر معذباً عليه من غير شرط ، والطاعة مثاباً عليها{[55099]} بشرط الإخلاص علله ، معبراً بما هو مقصود السورة فقال ملتفتاً إلى مقام الغيبة لتعظيم الهيبة لأن الخطاب إذا طال استأنس المخاطب : { ليسأل } أي يوم القيامة { الصادقين } أي في الوفاء بالعهد { عن صدقهم } هل هو لله{[55100]} خالصاً{[55101]} أو لا ، تشريفاً لهم{[55102]} وإهانة وتبكيتاً للكاذبين{[55103]} ، ويسأل الكافرين عن كفرهم ما الذي حملهم عليه ، والحال أنه أعد للصادقين ثواباً عظيما { وأعد للكافرين } أي الساترين لإشراق أنوار الميثاق { عذاباً أليماً } فالآية ، من محاسن رياض الاحتباك ، وإنما صرح بسؤال الصادق بشارة له{[55104]} بتشريفه في ذلك الموقف العظيم ، وطوى سؤال الكفار إشارة إلى استهانتهم بفضيحة الكذب{ ويحلفون على الكذب{[55105]} وهم يعلمون }[ المجادلة : 14 ] { فيحلفون له كما يحلفون لكم }{[55106]}[ المجادلة : 18 ] وذكر ما هو أنكى لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.