تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا} (20)

{ يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا أن لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا }

المفردات :

بادون في الأعراب : كائنون في البادية مع الأعراب .

ما قاتلوا إلا قليلا : رياء وسمعة .

التفسير :

ترسم الآية معالم المنافقين وشدة جبنهم فحتى بعد أن رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين ا لقتال فإن المنافقين يظنون أن الأحزاب لم يذهبوا ولم يرحلوا بعيدا عن المدينة وعلى فرض عودة الأحزاب مرة ثانية فإن المنافقين يتمنون أن يكونوا من أهل البادية بعيدين عن المدينة والدفاع عنها ويتمنون أن يسمعوا أخبار المدينة من بعيد مع أنهم لم يشتركوا في القتال اشتراكا حاسما ولو كانوا مع المؤمنين أثناء القتال ما قاتلوا إلا قتالا قليلا كالرمي بالنبل والسهم دون الالتحام المباشر الذي يسبب النصر فهم لا يقاتلون عن رغبة وإنما يقاتلون رياء ومخادعة .

لقد رسمت الآيات صورة زرية للمنافقين وكشفت عن نفوس ملأها الهلع والجبن فهم عوامل شر وتثبيط وهم في الكريهة والحرب في خور وهلع ، وفي السلم في جشع وحب للمال وألسنة سليطة وأقوال كاذبة لا مدلول لها من الأعمال ولشدة هلعهم يتمنون الإقامة في البادية يستطلعون أخبار المدينة عن بعد دون المشاركة في القتال وتبعاته .

***

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا} (20)

{ يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا } أي : يظنون أن هؤلاء الأحزاب ، الذين تحزبوا على حرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأصحابه ، لم يذهبوا حتى يستأصلوهم ، فخاب ظنهم ، وبطل حسبانهم .

{ وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ } مرة أخرى { يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ } أي : لو أتى الأحزاب مرة ثانية مثل هذه المرة ، ودَّ هؤلاء المنافقون ، أنهم ليسوا في المدينة ، ولا في القرب منها ، وأنهم مع الأعراب في البادية ، يستخبرون عن أخباركم ، ويسألون عن أنبائكم ، ماذا حصل عليكم ؟

فتبًا لهم ، وبعدًا ، فليسوا ممن يبالى{[697]}  بحضورهم { وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا } فلا تبالوهم ، ولا تأسوا عليهم .


[697]:- في ب: يغالى.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا} (20)

قوله تعالى : " يحسبون الأحزاب لم يذهبوا " أي لجبنهم ، يظنون الأحزاب لم ينصرفوا وكانوا انصرفوا ، ولكنهم لم يتباعدوا في السير . " وإن يأت الأحزاب " أي وإن يرجع الأحزاب إليهم للقتال . " يودوا لو أنهم بادون في الأعراب " تمنوا أن يكونوا مع الأعراب حذرا من القتل وتربصا للدوائر . وقرأ طلحة بن مصرف " لو أنهم بُدًّى في الأعراب " ، يقال : باد وبدى ، مثل غاز وغزى . ويمد مثل صائم وصوام . بدا فلان يبدو إذا خرج إلى البادية . وهي البداوة والبداوة ، بالكسر والفتح . وأصل الكلمة من البدو وهو الظهور . " يسألون " وقرأ يعقوب في رواية رويس " يتساءلون عن أنبائكم " أي عن أخبار النبي صلى الله عليه وسلم . يتحدثون : أما هلك محمد وأصحابه ، أما غلب أبو سفيان وأحزابه ! أي يوّدوا لو أنهم بادون سائلون عن أنبائكم من غير مشاهدة القتال لفرط جبنهم . وقيل : أي هم أبدا لجبنهم يسألون عن أخبار المؤمنين ، وهل أصيبوا . وقيل : كان منهم في أطراف المدينة من لم يحضر الخندق ، جعلوا يسألون عن أخباركم ويتمنون هزيمة المسلمين . " ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا " أي رميا بالنبل والحجارة على طريق الرياء والسمعة ؛ ولو كان ذلك لله لكان قليله كثيرا .