تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِمَا لَمۡ يُحِيطُواْ بِعِلۡمِهِۦ وَلَمَّا يَأۡتِهِمۡ تَأۡوِيلُهُۥۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (39)

{ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ 39 }

التفسير :

39 { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ . . . } الآية .

أي : بل هم سارعوا إلى تكذيبه من غير إحاطة بعلم ما فيه ولا تدبر لمعانيه ، ولا وقوف على ما جاء به من الأدلة الشاهدة بصدقه ، من تشريع حكيم ، وآداب وحكم عالية ، وغير ذلك من أسرار إعجازه .

قال الزمخشري :

أي : بل سارعوا إلى تكذيب القرآن قبل أن يفقهوه ، ويعلموا كنه أمره ، وقبل أن يتدبروه ويقفوا على تأويله ومعانيه ؛ وذلك لفرط نفورهم عما يخالف دينهم ، وشرادهم عن مفارقة دين آبائهم .

{ ولما يأتهم تأويله } .

أي : كذبوا به على البديهة قبل التدبر ، ومعرفة معانيه وفضائله ؛ تمردا وعنادا .

جاء في تفسير المراغي :

وخلاصة ذلك : أنهم على إعجاز القرآن من جهة اللفظ والمعنى والإخبار بالغيب قد أسرعوا في تكذيبه قبل أن يتدبروا أمره ، أو ينتظروا وقوع ما أخبر به . وفي تكذيب الشيء قبل علمه المتوقع حصوله ، شناعة وقصر نظر لا تخفى على عاقل ، وفيه دليل على أنهم مقلدون . xix

{ كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كانت عاقبة الظالمين } .

أي : مثل ذلك التكذيب الناشئ عن عدم التدبر ؛ كذب الذين من قبلهم من مشركي الأمم رسلهم ؛ فكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذبوه ، كقوم نوح وعاد وثمود ، فكانت نتيجة هذا التكذيب ؛ أن أخذهم الله تعالى أخذ عزيز مقتدر .

قال تعالى : { فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } . ( العنكبوت : 40 ) .