جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِمَا لَمۡ يُحِيطُواْ بِعِلۡمِهِۦ وَلَمَّا يَأۡتِهِمۡ تَأۡوِيلُهُۥۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (39)

{ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه } يعني لما رأوا القرآن مشتملا على أمور ما عرفوا حقيقتها{[2174]} سارعوا بجهلهم إلى التكذيب{[2175]} ، { ولما يأتهم } بعد ، { تأويله } فإنهم إن صبروا يظهر لهم بالآخرة تأويله ، لكن فأجاءوا الإنكار قبل أن يقضوا على تأويله ، { كذلك كذب الذين من قبلهم } رسلهم ، { فانظر كيف كان عاقبة الظالمين } فيه وعيد لهم بمثل عقاب الأمم السالفة .


[2174]:وهكذا صنع من تصلب في التقليد ولم يبال بما جاء به من دعي إلى الحق وتمسك بذيول الأنصاف بل يرده بمجرد كونه لم يوافق هواه، ولا جاء طبق دعواه قبل أن يعرف معناه، ويعلم مبناه كما تراه عيانا وتعلمه وجدانا والحاصل أن من كذب بالجنة النيرة والبرهان الواضح قبل أن يحيط بعلمه فهو لم يتمسك بشيء في هذا التكذيب إلا مجرد كونه جاهلا، إنما كذب به غير عالم به فكان بهذا التكذيب مناديا على نفسه بالجهل بأعلى صوت ومسجلا بقصوره عن تعقل الحجج بأبلغ تسجيل، وليس على الحجة ولا على من جاء بها من تكذيبه شيء: ما يبلغ الأعداء من جاهل *** ما يبلغ الجاهل من نفسه
[2175]:فإن المرء عدو لما جهل.