تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا مَا قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُۖ وَمَا ظَلَمۡنَٰهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (118)

114

{ وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } .

لقد حرم الله على اليهود أنواعا من الحيوانات ؛ عقوبة لهم وردعا لظلمهم ، كما قال سبحانه وتعالى : { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم }( النساء : 160 ) .

وعند المقارنة : نجد أن الله حرم على المسلمين الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله ، وهذا التحريم رأفة بنا ، وحفاظا على أجسامنا ، ولم يكن ذلك عقوبة على جريمة ارتكبناها ، أما ما حرم على اليهود فقد كان عقوبة لهم ، وقد سبق ذكر ذلك في سورة الأنعام ، حيث قال سبحانه وتعالى : { وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون }( الأنعام : 146 ) .

{ وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } . أي : أن الله تعالى لم يظلم اليهود بتحريم هذه الأشياء عليهم ، وإنما حرمها عليهم جزاء ظلمهم ، وعدوانهم في السبت ، وقولهم : قلوبنا غلف ، وتحريفهم الكلم عن مواضعه ، وإضافتهم للتوراة ما ليس منها ، وحذفهم بعض الحدود من التوراة ، مثل : الرجم للزاني المحصن عندما كثر الزنا في أشرافهم ، فاستبدلوه بعقوبة أخف ، ولم تتشرب قلوبهم روح التوراة ، بل اهتموا باللفظ دون المحتوى ، حيث قال تعالى : { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا }( الجمعة : 5 ) .