تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (66)

المفردات :

لا تعتذروا : لا تطلبوا قبول المعذرة والحجة التي تبرئون بها أنفسكم .

مجرمين : مرتكبين للجرم وهو الذنب العظيم .

التفسير :

66 – { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ . . . } الآية .

أي : لا تشغلوا أنفسكم بتلمس المعاذير وانتحالها ؛ رغبة في دفع اللوم والعتاب عنكم ؛ لتحقق كذبها وبطلانها ؛ فإن الاستهزاء بالله كفر محض وشر مستطير ، وكذلك الاستهزاء بالرسول وأخلاقه وأعماله .

أي : لا تفعلوا مالا ينفع ؛ فقد ظهر كذبكم ونفاقكم وكفركم ؛ بالاجتراء على الله والاستهزاء به وبآياته ورسوله ، بعد أن أعلنتم الإيمان وأظهرتم الإسلام .

{ إن نعف عن طائفة منكم } .

أي : إذا صفحنا عن جماعة منهم لصدق توبتهم ، وإخلاص إيمانهم وابتعادهم عن الإيذاء والاستهزاء بعد أن خاضوا في ذلك مع الخائضين .

{ نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين } .

أي : نعاقب جماعة أخرى على الكفر والنفاق ؛ لإصرارهم على ذلك ومضيهم في السخرية والاستهزاء .

من كتب التفسير

1 – جاء في تفسير الفخر الرازي ما يأتي :

الاستهزاء بالدين يعد من باب الكفر ، إذ إنه على الاستخفاف ، والأساس الأول في الإيمان تعظيم الله تعالى ، بأقصى الإمكان ، والجمع بينهما محال .

2 – جاء في تفسير ابن كثير ما يأتي :

قال ابن إسحاق : كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، ومنهم رجل من أشجع ، حليف لبني سلمة يقال له : " مخش بن حمير " يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم : أتحسبون جلاد بني الأصفر – أي : الروم كقتال العرب بعضهم ؟ والله لكأنّا بكم غدا مقرنين في الحبال ؛ إرجافا وترهيبا للمؤمنين .

فقال مخش بن حمير : لو رددت أن أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وأننا ننجو من أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم – فيما بلغني – لعمار بن ياسر : " أدرك القوم فإنهم قد احترقوا ، فسلهم عما قالوا فإن أنكروا فقل : بلى ، قلتم ، كذا وكذا " ؛ فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم ؛ فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه .

فقال وديعة بن ثابت – ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على راحلته - : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب .

فقال مخش106 بن حمير : يا رسول الله ، قعد بي اسمى واسم أبي ، فكان الذي عفى عنه في هذه الآية هو مخش بن حمير ، فتسمى : عبد الرحمان ، وسأل الله أن يقتل شهيدا ، لا يعلم مكانه ؛ فقتل يوم اليمامة ولم يوجد له أثر107 .