إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (66)

{ لاَ تَعْتَذِرُواْ } لا تشتغلوا بالاعتذار وهو عبارةٌ عن محو أثرِ الذنبِ فإنه معلومُ الكذبِ بينُ البطلان { قَدْ كَفَرْتُمْ } أظهرتم الكفر بإيذاء الرسولِ صلى الله عليه وسلم والطعن فيه { بَعْدَ إيمانكم } بعد إظهارِكم له { إِن نعْفُ عَن طَائِفَةٍ منْكُمْ } لتوبتهم وإخلاصِهم أو تجنّبهم ( عن ) الإيذاء والاستهزاءِ ، وقرىء إن يعفُ على إسناد الفعلِ إلى الله سبحانه وقرىء على البناء للمفعول مسنَداً إلى الظرف بتذكير الفعلِ وبتأنيثه أيضاً ذهاباً إلى المعنى كأنه قيل : إن ترحم طائفةٌ { نُعَذّبْ } بنون العظمة وقرىء بالياء على البناء للفاعل وبالتاء على البناء للمفعول مسنداً إلى ما بعده { طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } مصِرِّين على الإجرام وهو غيرُ التائبين أو مباشرين له وهم غير المجتنبين . قال محمد بن إسحاقَ : الذي عُفي عنه رجلٌ واحدٌ هو يحيى بنُ حُمَيِّر الأشجعيُّ لما نزلت هذه الآيةُ تاب عن نفاقه وقال : اللهم إني لا أزال أسمع آيةً تقشعر منها الجلودُ وتجِبُ{[364]} منها القلوب اللهم اجعل وفاتي قتلاً في سبيلك لا يقولُ أحدٌ : أنا غسلتُ أنا كفنتُ أنا دفنتُ فأصيب يومَ اليمامة فما أحدٌ من المسلمين إلا عُرِفَ مصرعُه غيرَه .


[364]:وجب القلب يجب وجيبا : خفق واضطرب.