ثم قال : { لا تعتذروا } نقل الواحدي عن أئمة اللغة أن معنى الاعتذار محو أثر الذنب أو قطعه من قولهم : اعتذر المنزل إذا درس . واعتذرت المياه إذا انقطعت ، ومنه عذرة الجارية لأنها تعذر أي تقطع . والعذر سبب لقطع اللوم ، نهاهم الله عن الاعتذار بالخوض واللعب لأن الشيء الذي يوجب الكفر لا يصلح للعذر . ثم بين ذلك بقوله { قد كفرتم } أي صريحاً { بعد إيمانكم } أي بعد الإيمان الذي أظهرتموه . وفيه أن الاستهزاء بالدين كيف كان كفر بالله صريح لأن العمدة الكبرى في الإيمان هو التعظيم لأمر الله ولشرائعه . { إن نعف عن طائفة منكم } ذكر المفسرون أنهم كانوا ثلاثة ، استهزأ اثنان وضحك الثالث ، ولما كان ذنب الضاحك أخف لأنه لم يوافق القوم في الكفر فلا جرم عفا الله عنه . وفيه إشارة إلى أنه من خاض في عمل باطل فعليه أن يجتهد في التقليل ويحذر من الانهماك فإنه يرجى له ببركة ذلك القليل أن يعفو الله عنه الكل . قال الزجاج : الطائفة في اللغة الجماعة لأنها المقدار الذي يمكنه أن يطيف بالشي ، ثم يجوز أن يسمى الواحد بالطائفة قال تعالى { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } [ النور : 2 ] وأقله الواحد . وروى الفراء بإسناده عن ابن عباس أنه قال : الطائفة الواحد فما فوقه . ووجه بأن من اختار مذهباً فإنه ينصره ويذب عنه من كل الجوانب فلا يبعد أن يسمى طائفة بهذا السبب والتاء للمبالغة . وقال ابن الأنباري : العرب قد توقع لفظ الجمع على الواحد وقال تعالى { الذين قال لهم الناس }
[ آل عمران : 173 ] يعني نعيم بن مسعود . ثم علل كونه معذباً للطائفة الثانية { بأنهم كانوا مجرمين } أي مصّرين مستمرّين على الجرم ، ويجوز أن يكون سبب العفو عن الطائفة الأولى إحداثهم التوبة وإخلاصهم الإيمان بعد النفاق ، ويجوز أن يراد بالعذاب العذاب العاجل . ومن قرأ { أن يعف } على البناء للمفعول والتذكير فلأنه مستند إلى الظرف كما تقول : سير بالدابة دون سيرت . وقرئ بالتأنيث ذهاباً إلى المعنى كأنه قيل : إن ترحم طائفة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.