الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (66)

قوله تعالى : { إِن نَّعْفُ } : قرأ عاصم " نَعْفُ " بنون العظمة ، " نُعَذِّب " كذلك أيضاً ، " طائفةً " نصباً على المفعولية ، وهي قراءاتُ أَبي عبد الرحمن السلمي وزيد بن علي . وقرأ الباقون " يُعفَ " في الموضعين بالياء من تحتُ مبنياً للمفعول ورفع " طائفةٌ " على قيامِها مَقام الفاعل . والقائمُ مقامَ الفاعل في الفعل الأولِ الجارُّ بعده . وقرأ الجحدري : " إن يَعْفُ " بالياء من تحت فيهما مبنياً للفاعل وهو ضميرُ الله تعالى ، ونصب " طائفة " على المفعول به ، وقرأ مجاهد " تَعْفُ " بالتاء من فوق فيهما مبنياً للفاعل وهو ضمير الله تعالى ، ونصبِ " طائفةً " على المفعول به . وقرأ مجاهد : " تُعفَ " بالتاء من فوق فيهما مبنياً للمفعول ورفع " طائفة " لقيامها مَقامَ الفاعل .

وفي القائم مقامَ الفاعل في الفعل الأول وجهان أحدهما : أنه ضمير الذنوب أي : إن تُعْفَ هذه الذنوب . والثاني : أنه الجارُّ ، وإنما أُنِّثَ الفعلُ حَمْلاً على المعنى . قال الزمخشري : " الوجه التذكير ، لأنَّ المسنَد إليه الظرفُ ، كما تقول : " سِيْرَ بالدابة " ولا تقول : سِيْرت بالدابة ولكنه ذهب إلى المعنى كأنه قيل : إن تُرحَمْ طائفة ، فأنَّث لذلك وهو غريبٌ " .