السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُونَ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يَعۡقِلُونَ} (42)

فوصف القسم الأول في قوله تعالى : { ومنهم } أي : من هؤلاء المشركين ، { من يستمعون إليك } إذا قرأت القرآن وعلمت الشرائع بأسماعهم الظاهرة ، ولا ينفعهم لشدّة عداوتهم وبغضهم لك ، فإن الإنسان إذا قوي بغضه لآخر وعظمت نفرته منه صارت نفسه معرضة عن جميع جهات محاسن كلامه { أفأنت تسمع الصم } أي : أتقدر على إسماعهم { ولو كانوا } مع الصمم { لا يعقلون } أي : لأنّ الأصمّ العاقل ربما تفرس واستدل إذا وقع في صماخه دويّ الصوت ، فإذا اجتمع سلب السمع والعقل جميعاً فقد تم الأمر ، فكما أنك لا تقدر على إسماع الأصم الذي لا يعقل لا تقدر على إسماع من أصم الله تعالى قلبه ، فإنَّ الله تعالى صرف قلوبهم عن الانتفاع بما يستمعون ولم يوفقهم لذلك ، فشبههم بالصم في عدم الانتفاع بما يتلى عليهم .