السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

{ للذين أحسنوا } أي : بالإيمان { الحسنى } وهي الجنة { وزيادة } وهي النظر إليه تعالى في الآخرة ، كما في الحديث الصحيح : «إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن يا أهل الجنة فيكشف الحجاب فينظرون إليه فو الله ما أعطاهم الله شيئاً هو أحب إليهم منه » . والزمخشري في «كشافه » قال في هذا : وزعمت المشبهة والمجبرة ؛ لأنّ المعتزلة ينكرون الرؤية ، ويُردّ عليهم قول الله تعالى : { وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة } [ القيامة ، 22 ، 23 ] فأثبت الله لأهل الجنة أمرين أحدهما : النضارة وهي حسن الوجوه ، وذلك من نعيم الجنة . والثاني : النظر إلى الله تعالى . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : الحسنى الحسنة ، والزيادة عشرة أمثالها . وعن الحسن عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف . وعن مجاهد : الزيادة مغفرة من الله ورضوان . وعن يزيد بن شجرة : الزيادة أن تمرّ السحابة بأهل الجنة فتقول : ما تريدون أن أمطركم ، فلا يريدون شيئاً إلا أمطرتهم ، ولا مانع من أن تفسر الزيادة بذلك كله ؛ إذ لا تنافي فيها والفضل واسع . { ولا يرهق } أي : يغشى { وجوههم قتر } أي : سواد { ولا ذلة } أي : كآبة وكسوف يظهر منه الانكسار والهوان . { أولئك } أي : هؤلاء الذين وصفهم الله هم { أصحاب الجنة } وقوله تعالى : { هم فيها خالدون } إشارة إلى كونها دائمة آمنة من الانقطاع ولا زوال فيها ولا انقراض ، بخلاف الدنيا وزخارفها .