تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُونَ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يَعۡقِلُونَ} (42)

وقوله تعالى : ( ومنهم من يستمعون إليك ) أخبر أن منهم من يستمع إليه ؛ يعني إلى رسول الله تعالى وإلى ما يتلو من القرآن ، لكنه يخبر أنه لا كل مستمع إلى شيء ينتفع بما يستمع ، أو يعقل ما يستمع ، ويفهم . إنما ينتفع بالاستماع إليه ، ويعقل قدر المقصود والحاجة إليه .

ومنهم من كانوا يستمعون لمعان : مرة يستمعون بقبول القول لهم والمنزلة ، ومنهم من كان يستمع إليه ليسمع غيره كقوله : ( سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين )[ المائدة : 41 ] ومنهم من كان يسمعه ، ويطيعه في ذلك ، فإذا خرج من عنده غيره ، وبدله ، كقوله : ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ )[ النساء : 81 ] ومنهم من كان يستمع إليه استهزاء منه وطلب الطعن فيه والعيب ؛ كانوا مختلفين في الاستماع .

ثم نفى عنهم السمع والعقل والبصر لوجهين :

أحدهما : ما ذكرنا أنهم لما لم ينتفعوا بأسماعهم وعقولهم وأبصارهم ، وبهذه[ في م : وهذه ] الحواس انتفاع ، كمن[ الكاف ساقطة من الأصل وم ] ليست له . هذه الحواس إنما جعلت لينتفع بها لا لتترك سدى ، لا ينتفع بها .

والثاني : كان العقل والسمع والبصر ، وهذه يكون منها مكتسب[ في الأصل وم : مكتسبا ] ومنها ما يكون غريزة . فهم تركوا اكتساب ذلك .

ويحتمل نفي هذي الحواس لهذين الوجهين اللذين ذكرتهما ، والله أعلم .

ثم نفى عمن لا يستمع العقل حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( لا يعقلون ) .