السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَوۡمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُم مَّوۡبِقٗا} (52)

ولما قرّر تعالى أن القول الذي قالوه في الافتخار على الفقراء اقتدوا فيه بإبليس عاد بعده إلى التهويل بأهوال القيامة فقال : { ويوم } التقدير واذكر لهم يا محمد يوم عطفاً على قوله : { وإذ قلنا للملائكة } { يقول } أي : اللّه يوم القيامة لهؤلاء الكفار تهكماً بهم وقرأ حمزة بالنون والباقون بالياء { نادوا شركائي } أي : ما عبد من دوني وقيل : إبليس وذرّيته ثم بيّن تعالى أن الإضافة ليست على حقيقتها بل توبيخ لهم فقال تعالى : { الذين زعمتم } أنهم شركائي أو شفعاؤكم ليمنعوكم من عذابي { فدعوهم } تمادياً في الجهل والضلال { فلم يستجيبوا لهم } أي : فلم يغيثوهم استهانة بهم واشتغالاً بأنفسهم فضلاً عن أن يعينوهم { وجعلنا بينهم } أي : المشركين والشركاء { موبقاً } أي : وادياً من أودية جهنم يهلكون فيه جميعاً ، وهو من وبق بالفتح هلك ، نقل ابن كثير عن عبد اللّه بن عمر أنه قال : هو واد عميق فرق به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضلال ، وقال الحسن البصري : عداوة أي : يؤل بهم إلى الهلاك والتلف كقول عمر رضي اللّه تعالى عنه : لا يكون حبك كلفاً ولا بغضك تلفاً أي : لا يكن حبك يجر إلى الكلف ولا بغضك يجر إلى التلف ، وقيل : الموبق البرزخ البعيد أي : وجعلنا بين هؤلاء الكفار وبين الملائكة وعيسى برزخاً بعيداً يهلك فيه الساري لفرط بعده لأنهم في قعر جهم وهم في أعلى الجنان .