السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

{ وهزي إليك } أي : أوقعي الهز وهو جذب بتحريك { بجذع النخلة } أي : التي أنت تحتها مع يبسها وكون الوقت ليس وقت حملها { تساقط عليك } من أعلاها { رطباً جنياً } طرياً آية أخرى عظيمة روي أنها كانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا ثمر ، وكان الوقت شتاء فهزتها فجعل اللّه تعالى لها رأساً وخوصاً ورطباً ، وقرأ حمزة بفتح التاء والسين مخففة وفتح القاف وحفص بضم التاء وفتح السين مخففة وكسر القاف والباقون بفتح التاء وتشديد السين مفتوحة وفتح القاف .

تنبيه : الباء في { بجذع } زائدة والمعنى هزّي إليك جذع النخلة كما في قوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم } [ البقرة ، 195 ] قال الفراء : تقول العرب : هزه وهزيه وخذ الخطام وخذ بالخطام وزوجتك فلانة وبفلانة ، وقال الأخفش : يجوز أن يكون على معنى هزي إليك رطباً بجذع النخلة أي : على جذعها و{ رطباً } تمييز و{ جنياً } صفته والرطب اسم جنس بخلاف تخم فإنه جمع لتخمة والفرق : أنهم التزموا تذكيره فقالوا : هو الرطب وتأنيث ذلك فقالوا : هي التخم فذكروا الرطب باعتبار الجنس وأنثوا التخم باعتبار الجمعية ، قال ابن عادل : وهو فرق لطيف والرطب ما قطع قبل يبسه وجفافه وخص الرطب بالذكر قال الربيع بن خيثم : ما للنفساء عندي خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل وهذه الأفعال الخارقة للعادة كرامات لمريم أو إرهاص لعيسى ، وفي ذلك تنبيه على أنّ من قدر أن يثمر النخلة اليابسة في الشتاء قدر أن يحبلها من غير فحل وتطييب لنفسها فلذلك قال : { فكلي } .