السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰكُم مِّنۢ بَعۡدِ مَوۡتِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (56)

فلما هلكوا جعل موسى يبكي ويتضرّع ويقول : ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا . فلم يزل يناشد ربه حتى أحياهم الله تعالى رجلاً بعد رجل بعدما ماتوا ليلة ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون ، كما قال تعالى :

{ ثم بعثناكم } أي : أحييناكم ، والبعث إثارة الشيء عن محله يقال : بعثت البعير فانبعث وبعثت النائم فانبعث .

{ من بعد موتكم } بسبب الصاعقة . قال قتادة : أحياهم ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقهم ولو ماتوا بآجالهم لم يبعثوا ، وقيد البعث بعد الموت لأنه قد يكون عن إغماء أو نوم كقوله تعالى : { فضربنا على آذانهم في الكهف } ( الكهف ، 11 ) إلى أن قال : { ثم بعثناهم } أي : من النوم . { لعلكم تشكرون } نعمة لبعث أو ما كفرتموه من النعم المتتابعة .