الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ثُمَّ بَعَثۡنَٰكُم مِّنۢ بَعۡدِ مَوۡتِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (56)

قوله : ( ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ )( {[2089]} ) [ 55 ] .

أي : أحييناكم( {[2090]} ) . وأصل البعث إثارة الشيء من محله ؛ تقول العرب : " بَعَثْتُ ناقتي " أثرتها( {[2091]} ) . " وَبَعَثْتُ( {[2092]} ) فلانا في كذا " ، أي : ( {[2093]} ) أثرتُه للتوجه فيه . ويوم القيامة يوم البعث لأنه [ يثار فيه الناس ]( {[2094]} ) للحساب( {[2095]} ) . ومعنى ذلك أن موسى صلى الله عليه وسلم لما أحرق العجل وذراه( {[2096]} ) في اليم اختار من قومه سبعين/ رجلاً وقال : انطلقوا إلى الله عز وجل ، وتوبوا إليه مما صنعتم وتطهروا( {[2097]} ) وطهروا( {[2098]} ) ثيابكم ، وكان ذلك عن أمر الله له( {[2099]} ) ، فخرجوا معه فقالوا( {[2100]} ) لموسى : اطلب لنا إلى( {[2101]} ) ربك أن نسمع كلامه فقال : أفعل . فلما دنا موسى صلى الله عليه وسلم من الجبل وقع عليه عمود من نور حتى تغشى الجبل كله فدخل فيه . وقال للقوم( {[2102]} ) : ادنوا وكان موسى صلى الله عليه وسلم إذا كلمه ربه عز وجل وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم ينظر إليه ، فضرب دونه الحجاب . ودنا القوم حتى إذا دخلوا/ في الغمام ، وقعوا سجودا( {[2103]} ) ، فسمعوه وهو يكلم( {[2104]} ) موسى/ صلى الله عليه وسلم يأمره وينهاه : افعل ولا تفعل ، فلما فرغ انكشف عن موسى الغمام فأقبل( {[2105]} ) إليهم فقالوا : يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة عند ذلك فماتوا أجمعون . فقال موسى : رب( {[2106]} ) لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي ، قد سفهوا ، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما فعل السفهاء منا ؟ يريد موسى صلى الله عليه وسلم أن مُضِيِي إلى بني إسرائيل بغي من اخترت منهم [ هلاك لهم( {[2107]} ) ] لأنهم بعد ذلك لا يأمنوني( {[2108]} ) على أمر( {[2109]} ) ولا( {[2110]} ) يصدقوني . فلم يزل موسى –يطلب إلى ربه- صلى الله عليه وسلم( {[2111]} ) حتى رد عليهم أرواحهم ، وطلب إليه التوبة لهم من عبادتهم العجل ، فقال الله تعالى : لا . إلا أن يقتلوا أنفسهم( {[2112]} ) . ذكر جميع( {[2113]} ) ذلك عن السدي ، قال : " فالذين أخذتهم الصاعقة هم السبعون الذين اختارهم موسى صلى الله عليه وسلم للميقات( {[2114]} ) " ( {[2115]} ) . قال قتادة : " بعثهم الله عز وجل إلى بقية آجالهم ليستوفوها ، ولو( {[2116]} ) تمت آجال القوم ما بعثوا " ( {[2117]} ) .

وقال ابن زيد : " لما أتاهم موسى صلى الله عليه وسلم بكتاب الله عز وجل ، وقال لهم : خذوه ، قالوا : لا نأخذه حتى نرى الله جهرة ، فيقول : خذوه . فجاءتهم صاعقة بعد التوبة فصعقوا أجمعين ، ثم أحياهم الله بعد موتهم . فقال لهم موسى( {[2118]} ) : خذوا كتاب الله عز وجل فأبوا أن يأخذوه . فرفع فوقهم الجبل فأخذوا الكتاب ، وأخذ موسى عليهم الميثاق ، وهو قوله : ( وَإِذَ اَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) الآية( {[2119]} ) .


[2089]:- في ع2: بعثاكم من بعد موتكم.
[2090]:- في ق:أحيينا.
[2091]:- في ح: أي أثرتها.
[2092]:- في ع1، ع2، ح: بعث.
[2093]:- سقط من ع2، ع3.
[2094]:- في ع2: يشار الناس فيه.
[2095]:- انظر: مفردات الراغب 50، واللسان 1/230.
[2096]:- في ع2، ع3: داره.
[2097]:- سقط من ع2، ق.
[2098]:- سقط من ع2، ع3.
[2099]:- سقط من ع2.
[2100]:- في ع2، ع3: وقالوا.
[2101]:- سقط من ح.
[2102]:- في ع3: لقوم.
[2103]:- في ع1، ع2، ق، ع3: سجود.
[2104]:- في ع3: يتكلم. وهو تحريف.
[2105]:- في ع2: فأقبلهم. وهو تحريف.
[2106]:- في ع2: يا رب.
[2107]:- في ع3: هلاكهم.
[2108]:- في ع2: يؤمنوني. وهو تحريف.
[2109]:- قوله: "على أمر" ساقط من ع3. وفي ق: أمور.
[2110]:- سقط من ق.
[2111]:- قوله: "صلى الله عليه وسلم" ساقط من ع3.
[2112]:- في ق: أنفسكم. والقول لمحمد بن إسحاق في جامع البيان 2/86-87، وتفسير ابن كثير 1/93-94.
[2113]:- في ع3: جمع.
[2114]:- في ع2: لميقات.
[2115]:- عزاه السيوطي إلى الربيع بن أنس. انظر: الدر المنثور 1/170.
[2116]:- في ع2: لم. وهو تحريف.
[2117]:- انظر: تفسير القرطبي 1/404، وتفسير ابن كثير 1/93، والدر المنثور 1/170.
[2118]:- في ح: موسى صلى الله عليه وسلم.
[2119]:- انظر: جامع البيان 2/88، وتفسير ابن كثير 1/94، والآية هي قوله تعالى: (وَإِذَا اَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً............ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنْتُم مُّعْرِضُونَ). [البقرة: 82].