الرابعة : قوله تعالى : { ثم بعثناكم من بعد موتكم } أي أحييناكم . قال قتادة : ماتوا وذهبت أرواحهم ، ثم ردوا لاستيفاء آجالهم . قال النحاس : وهذا احتجاج على من لم يؤمن بالبعث من قريش ، واحتجاج على أهل الكتاب إذ خبروا بهذا . والمعنى : " لعلكم تشكرون " ما فعل بكم من البعث بعد الموت . وقيل : ماتوا موت همود يعتبر به الغير ، ثم أرسلوا .
وأصل البعث الإرسال . وقيل : بل أصله إثارة الشيء من محله ، يقال : بعثت الناقة : أثرتها ، أي حركتها ، قال امرؤ القيس :
وفتيانِ صدقٍ قد بَعَثْتُ بسُحْرَةٍ{[771]} *** فقاموا جميعا بين عاثٍ ونشوان
وصحابةٍ شمِّ الأنوفِ بعثتهم *** ليلا وقد مال الكَرَى بِطُلاَهَا{[772]}
وقال بعضهم : " بعثناكم من بعد موتكم " [ البقرة : 56 ] علمناكم من بعد جهلكم .
قلت : والأول أصح ، لأن الأصل الحقيقة ، وكان موت عقوبة ، ومنه قوله تعالى : " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " على ما يأتي{[773]} [ البقرة : 243 ]
الخامسة : قال الماوردي : واختلف في بقاء تكليف من أعيد بعد موته ومعاينة الأحوال المضطرة إلى المعرفة على قولين : أحدهما : بقاء تكليفهم لئلا يخلو عاقل من تعبد . الثاني : سقوط تكليفهم معتبرا بالاستدلال دون الاضطرار .
قلت : والأول أصح ، فإن بني إسرائيل قد رأوا الجبل في الهواء ساقطا عليهم والنار محيطة بهم ، وذلك مما اضطرهم إلى الإيمان ، وبقاء التكليف ثابت عليهم ، ومثلهم قوم يونس . ومحال أن يكونوا غير مكلفين والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.