السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَفۡقَهُواْ قَوۡلِي} (28)

{ يفقهوا } أي : يفهموا { قولي } عند تبليغ الرسالة ولم يطلب الفصاحة الكاملة ومن لساني صفة للعقدة كأنه قيل : عقدة من عقد لساني .

تنبيه : استدل على أنّ في النطق فضيلة عظيمة بوجوه : أوّلها : قوله تعالى : { خلق الإنسان 3 علمه البيان } [ الرحمن ، 3 ] فماهية الإنسان هي الحيوان الناطق . ثانيها : اتفاق العقلاء على تعظيم أمر اللسان قال زهير :

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده *** فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

وقالوا ما الإنسان لولا اللسان إلا بهيمة مرسلة أي : لو ذهب النطق اللساني لم يبق من الإنسان إلا القدر الحاصل في البهائم ، وقالوا : المرء بأصغريه قلبه ولسانه ، وقالوا المرء مخبوء تحت لسانه . ثالثها : أنّ في مناظرة آدم عليه السلام مع الملائكة ما ظهرت الفضيلة إلا بالنطق حيث قال : { يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض } [ البقرة : 33 ] .