السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَيَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وُدّٗا} (96)

ولما رد سبحانه وتعالى على أصناف الكفرة وبالغ في شرح أحوالهم في الدنيا والآخرة ختم السورة بذكر أحوال المؤمنين فقال : { إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً } أي : سيحدث لهم في القلوب مودة من غير تعرّض منهم لأسبابها من قرابة أو صداقة أو اصطناع معروف أو غير ذلك . روى الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أحب الله عبداً يقول لجبريل أحببت فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء قد أحبّ الله فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم توضع له المحبة في الأرض » وإذا أبغض الله العبد قال مالك لا أحسبه إلا قال في البغض مثل ذلك والسين في سيجعل إما لأنّ السورة مكية وكان المؤمنون حينئذٍ ممقوتين بين الكفرة فوعدهم الله تعالى ذلك إذا قوي الإسلام والمعنى سيحدث لهم في القلوب مودة وإمّا أن يكون ذلك يوم القيامة يحببهم الله إلى خلقه بما يظهر من حسناتهم ، وروي عن كعب قال مكتوب في التوراة لا محبة لأحدٍ في الأرض حتى يكون ابتداؤها من السماء من الله عز وجل ينزلها على أهل السماء ثم على أهل الأرض ومصداق ذلك في القرآن قوله : { سيجعل لهم الرحمن ودّاً } وقال أبو مسلم : معناه يهب لهم ما يحبون والودّ والمحبة سواء .