السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ عِلۡمٗاۖ وَقَالَا ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّنۡ عِبَادِهِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (15)

القصة الثانية قصة داود وسليمان عليهما السلام المذكورة في قوله تعالى : { ولقد آتينا } أي : بما لنا من العظمة { داود وسليمان } ابنه وهما من أتباع موسى عليهم السلام وبعده بأزمان متطاولة { علماً } أي : جزأ من العلم عظيماً من منطق الطير والدواب وتسبيح الجبال وغير ذلك لم نؤته لأحد من قبلهما ولما كان التقدير فعملا بمقتضاه ، عطف عليه قوله : { وقالا } شكراً عليه ودلالة على شرف العلم وتنبيهاً لأهله على التواضع { الحمد } أي : الإحاطة بجميع أوصاف الكمال { لله } أي : الذي لا كفء له { الذي فضلنا } أي : بما آتانا من النبوّة والكتاب وتسخير الشياطين والجنّ والإنس وغير ذلك { على كثير من عباده المؤمنين } أي : ممن لم يؤت علماً أو مثل علمهما ، وفي ذلك تحريض للعالم أن يحمد الله تعالى على ما آتاه من فضله ويعتقد أنه وإن فضل على كثير فقد فضل عليه كثير ، فلا يتكبر ولا يفتخر ويشكر الله تعالى ، وينفع به المسلمين كما نفعه الله تعالى به .