[ الآية 15 ] وقوله تعالى : { ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله فضلنا على كثير من عباده المؤمنين } فيه وجهان من الاستدلال :
أما الاستدلال على خلق الأفعال فلأنه{[14942]} قال : { آتينا داوود وسليمان علما } وقال على إثره : { علمنا منطق الطير } [ النمل : 16 ] وقال في رسول الله : { وما علمناه الشعر وما ينبغي له } [ يس : 69 ] وقال : { الرحمن } { علم القرآن } { خلق الإنسان } { علمه البيان } [ الرحمن : 1-4 ] ونحوه من الآيات في ما أضاف التعليم والفعل إلى نفسه . فلو لم يكن له في ذلك صنع لم يكن لإضافة ذلك إليه معنى . فدل أنه خلق أفعالهم منهم .
فإن قيل : إنما أضاف ذلك إلى نفسه بالأسباب التي أعطاهم قيل : لا يحتمل ذلك لأنه قد أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع أسباب الشعر ، ولم يكن غيره من الشعراء أحق بأسباب الشعر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخبر أنه لم يرد به الأسباب ، ولكن أراد ما ذكرنا .
وأما في ترك الأصلح فهو ما ذكر من قوله { ولقد آتينا داوود وسليمان علما } . . . { وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء } إنه إنما ذكر هذا على الامتنان والإفضال . فلو كان لا يجوز أن يعطيه ذلك ، ولا كان له ترك ما فعل بهم من الأفضال لم يكن لذكر ذلك له على الإفضال والامتنان معنى ، ولا كان داوود وسليمان يحمدان على ما أعطاهما ، ولا كان له ترك الحمد بذلك أو فعل ما عليه أن يفعل .
دل أنه إنما أعطى ذلك ، وفعل بهم ذلك على جهة الإفضال والامتنان ، وكان له ترك ما فعل ، وإن كان ذلك لهم أصلح في الدين .
فهذان الوجهان ينقضان على المعتزلة مذهبهم في إنكارهم خلق الأفعال وجواز ترك الأصلح في الدين . ثم قوله : { علما } قال بعضهم : علما بالقضاء والحكم ، والعلم بكلام الطير الدواب . وقال بعضهم : فضلا بالنبوة والعلم .
لكن عندنا ذكر أنه آتاهما العلم ، ولم يبين ما ذلك العلم أنه علم ماذا ؟ مخافة الكذب على الله ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.