السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (49)

{ قل } لهؤلاء { جاء الحق } أي : الإسلام وقيل : القرآن وقيل : كل ما ظهر على لسان النبي صلى الله عليه وسلم وقيل : المعجزات الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : المراد من جاء الحق أي : ظهر الحق لأن كل ما جاء فقد ظهر وأكد تكذيباً لهم في ظنهم أنهم يغلبون بقوله تعالى : { وما } أي : والحال أنه ما { يبدئ الباطل } أي : الذي أنتم عليه من الكفر { وما يعيد } أي : ذهب فلم تبق منه بقية مأخوذ من هلاك الحي فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة فجعلوا قولهم لا يبدئ ولا يعيد مثلاً في الهلاك ومنه قول عبيد :

أقفر من أهله عبيد *** أصبح لا يبدي ولا يعيد

والمعنى : جاء الحق وهلك الباطل كقوله تعالى { جاء الحق وزهق الباطل } ( الإسراء : 81 ) وعن ابن مسعود : «دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بعود ويقول { جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا } ( الإسراء : 81 ) { قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد } ( سبأ : 49 ) وقيل : الباطل إبليس أي : ما ينشئ خلقاً ولا يعيده ، والمنشئ والباعث هو الله تعالى ، وعن الحسن لا يبدئ لأهله خيراً ولا يعيده أي : لا ينفعهم في الدنيا والآخرة وقال الزجاج : أي : شيء ينشئه إبليس ويعيده فجعله للاستفهام وقيل : للشيطان الباطل لأنه صاحب الباطل ، ولأنه هالك كما قيل له الشيطان من شاط إذا هلك وحينئذ يكون غير منصرف وإن جعلته من شطن كان منصرفاً .