السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (7)

وقوله تعالى : { ولله } أي : الملك الأعظم { جنود السماوات والأرض } تقدم تفسيره .

وفائدة الإعادة التأكيد وجنود السماوات والأرض منهم من هو للرحمة ، ومنهم من هو للعذاب وقدّم ذكر جنود السماوات والأرض قبل إدخال المؤمنين الجنة ليكون مع المؤمنين ملائكة الرحمة فتبشرهم على الصراط وعند الميزان ، فإذا دخلوا الجنة أفضوا إلى جوار الله تعالى ورحمته والقرب منه فلا حاجة لهم بعد ذلك إلى شيء وأخرّ ذكر جنود السماوات والأرض بعد ذكر تعذيب الكفار والمنافقين ليكون معهم جنود السخط فلا يفارقونهم أبداً كما قال تعالى { عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم } [ التحريم : 6 ] فإن قيل : قال الله تعالى { وكان الله عليماً حكيماً } [ النساء : 17 ] وقال هنا { وكان الله } أي : الملك الذي لا أمر لأحد معه أزلاً وأبداً { عزيزاً } أي : يغلب ولا يغلب { حكيماً } أي : يضع الشيء في أحكم مواضعه فلا يستطاع نقض شيء مما ينسب إليه أجيب : بأنه لما كان في جنود السماوات والأرض من هو للرحمة ومن هو للعذاب وعلم الله تعالى ضعف المؤمنين ناسب أن تكون خاتمة الآية الثانية { وكان الله عزيزاً حكيماً } .