واختلف قول المفسرين في معنى اللام في قوله تعالى : { ليغفر لك الله } أي : الملك الأعظم . فقال البيضاوي : علة للفتح من حيث إنه مسبب عن جهاد الكفار والسعي في إعلاء الدين وإزاحة الشرك وتكميل النفوس الناقصة وقال البغوي : قيل : اللام لام كي معناه { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح . وقال الجلال المحلي : اللام للعلة الغائية فمدخولها مسبب لا سبب . وقال بعضهم : إنها لام القسم . والأصل ليغفرن فكسرت اللام تشبيهاً بلام كي وحذفت النون وردّ هذا : بأنّ اللام لا تكسر وبأنها لا تنصب المضارع ، قال ابن عادل : وقد يقال إنّ هذا ليس بنصب ، وإنما هو بقاء الفتح الذي كان قبل نون التوكيد بقي ليدل عليها ولكنه قول مردود . وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة ؟ قلت : لم يجعل علة للمغفرة ولكن لاجتماع ما عدد من الأمور الأربعة وهي المغفرة ، وإتمام النعمة ، وهداية الصراط المستقيم ، والنصر العزيز ، كأنه قال يسرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوّك لنجمع لك بين عز الدارين وأغراض الآجل والعاجل ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدو سبباً للمغفرة والثواب ا . ه قال ابن عادل : وهذا الذي قاله مخالف لظاهر الآية ، فإنّ اللام داخلة على المغفرة فتكون المغفرة علة للفتح والفتح معلل بها فكان ينبغي أن يقول : كيف جعل فتح مكة معللاً بالمغفرة ثم يقول لم يجعل معللاً ا . ه وقيل غير ذلك والأسلم ما اقتصر عليه الجلال المحلي واختلف أيضاً في الذنب في قوله تعالى : { ما تقدّم من ذنبك } فقال البقاعي : أيّ الذي تقدّم في القتال أمرك بالاستغفار له وهو ما تنتقل عنه من مقام كامل إلى مقام فوقه أكمل منه فتراه بالنسبة إلى أكملية المقام الثاني ذنباً . وكذا قوله تعالى : { وما تأخر } وقال الرازي : المغفرة المعتبرة لها درجات كما أن الذنوب لها درجات حسنات الأبرار سيئات المقرّبين ، وقال عطاء الخراساني : { ما تقدّم من ذنبك } يعني ذنب أبويك آدم وحوّاء ببركتك { وما تأخر } ذنوب أمّتك بدعوتك . وقال سفيان الثوري : { ما تقدّم } ما عملت في الجاهلية { وما تأخر } كل شيء لم تعمله . قال البغوي : ويذكر مثل ذلك على سبيل التأكيد ، كما يقال أعطى من رآه ومن لم يره . وقيل : ما تقدّم من حديث مارية وما تأخر من امرأة زيد .
وقيل : المراد به ترك الأفضل . وقيل : الصغائر على طريق من جوّز الصغائر على الأنبياء وقيل المراد بالمغفرة : العصمة ومعنى قوله تعالى : { وما تأخر } قيل : إنه وعد للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يذنب بعد النبوّة . وقيل : ما تقدم على الفتح وما تأخر عنه وقيل : المراد ذنب المؤمنين . وقيل : غير ذلك . والأولى في ذلك : هو الأوّل واختلف أيضاً في النعمة في قوله تعالى { ويتم نعمته عليك } فقال البقاعي : بنقلتك من عالم الشهادة إلى عالم الغيب ومن عالم الكون والفساد إلى عالم الثبات والصلاح الذي هو أخص بحضرته وأولى برحمته وإظهار أصحابك من بعدك على جميع أهل الملل .
وقال البيضاوي : بإعلاء الدين وضم الملك إلى النبوّة . وقال الجلال المحلي : بالفتح المذكور . وقيل : إن التكاليف عند الفتح تمت حيث وجب الحج وهو آخر التكاليف والتكليف نعمة . وقيل : بإجلاء الأرض لك عن معانديك فإنّ من يوم الفتح لم يبق للنبيّ صلى الله عليه وسلم عدو فإنّ بعضهم قتل يوم بدر والباقون آمنوا واستأمنوا يوم الفتح . وقيل ويتمّ نعمته عليك في الدنيا والآخرة .
أما في الدنيا فباستجابة دعائك في طلب الفتح . وفي الآخرة بقبول شفاعتك . وقيل غير ذلك والأوّل أولى واختلف أيضاً في معنى الهداية في قوله تعالى : { ويهديك صراطاً } أي : طريقاً { مستقيماً } أي : واضحاً جلياً . فقال البقاعي : أي بهداية جميع قومك .
ولما كانت هدايتهم من هدايته أضافها سبحانه إليه إعلاماً له أنها هداية تليق بجنابه الشريف سروراً له وقال البيضاوي : في تبليغ الرسالة وإقامة مراسم الرياسة . وقيل : يهدي بك . وقيل : يديمك على الصراط المستقيم . وقيل : جعل الفتح سبب الهداية إلى الصراط المستقيم لأنه سهل على المؤمنين الجهاد لعلمهم بفوائده العاجلة والآجلة . وقيل : المراد التعريف ، أي لتعرف أنك على صراط مستقيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.