وقوله تعالى : { وأنه هو } أي : لا غيره { أضحك وأبكى } يدل على أنّ كل ما يعمله الإنسان فبقضاء الله تعالى وخلقه حتى الضحك والبكاء .
وروي أنه صلى الله عليه وسلم مر على قوم من أصحابه وهم يضحكون فقال صلى الله عليه وسلم «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً » فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال يا محمد إنّ الله يقول لك : { وأنه هو أضحك وأبكى } أي : قضى أسبابهما فرجع إليهم صلى الله عليه وسلم فقال ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبريل فقال : ائت هؤلاء فقل لهم إن الله تعالى يقول : { هو أضحك وأبكى } أي قضى أسباب الضحك والبكاء وقال بسام بن عبد الله أضحك أسنانهم وأبكى قلوبهم وأنشد يقول :
السنّ تضحك والأحشاء تحترق *** وإنما ضحكها زور ومختلق
يا رب باك بعين لا دموع لها *** ورب ضاحك سنّ ما به رمق
وقال مجاهد والكلبي أضحك أهل الجنة في الجنة وأبكى أهل النار في النار ، وقال الضحاك : أضحك الأرض بالنبات وأبكى السماء بالمطر وقال عطاء بن أبي مسلم : يعني أفرح وأحزن لأنّ الفرح يجلب الضحك ، والحزن يجلب البكاء وقيل : إنّ الله تعالى خص الإنسان بالضحك والبكاء من سائر الحيوان وقيل : القرد وحده يضحك ولا يبكي وإنّ الإبل وحدها تبكي ولا تضحك وقال يونس بن الحسين : سئل طاهر المقدسي أتضحك الملائكة ؟ فقال : ما ضحكوا ولا كل من دون العرش منذ خلقت جهنم وعن عائشة قالت : «لا والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إن الميت يعذب ببكاء أحد ولكنه قال إنّ الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذاباً وإنّ الله تعالى هو أضحك وأبكى » .
تنبيه : قوله تعالى : { وأنه هو أضحك وأبكى } وما بعده يسميه البيانيون الطباق المتضادّ وهو نوع من البديع ، وهو : أن يذكر ضدّان أو نقيضان أو متنافيان بوجه من الوجوه ، وأضحك وأبكى لا مفعول لهما في هذا الموضع لأنهما سيقا لقدرة الله تعالى لا لبيان المقدور فلا حاجة إلى المفعول كقول القائل : فلان بيده الأخذ والعطاء يعطي ويمنع ، ولا يريد ممنوعاً ومعطى واختار هذين الموضعين المذكورين لأنهما أمران لا يعللان فلا يقدر أحد من الطبائعيين يبين لاختصاص الإنسان بالضحك والبكاء وجهاً ولا سبباً ، وإذا لم يعلل بأمر فلا بدّ له من موجد وهو الله تعالى بخلاف الصحة والسقم فإنهم يقولون : سببهما اختلال المزاج وخروجه عن الاعتدال ومما يدل على ذلك أنهم إذا عللوا الضحك قالوا : لقوّة التعجب وهو باطل ، لأنّ الإنسان ربما بهت عند رؤية الأمور العجيبة ولا يضحك وقيل : لقوّة الفرح وليس كذلك لأنّ الإنسان قد يبكي لقوّة الفرح كما قال بعضهم :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.