السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ثنتان وستون آية وثلاثمائة وستون كلمة وألف وأربعمائة وخمسة أحرف .

{ بسم الله } الذي أحاط بصفات الكمال { الرحمن } الذي عمّ الموجودات بصفة الجمال { الرحيم } الذي خص أهل ودّه بصالح الأعمال .

{ والنجم إذا هوى } قال ابن عباس في رواية العوفي : يعني الثريا إذا غابت وسقطت وهوت مغيبة ، والعرب تسمي الثريا نجماً ، وجاء في الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً «ما طلع النجم قط وفي الأرض شيء من العاهات إلا رفع » وأراد بالنجم الثريا ، وقال مجاهد : هو نجم السماء كلها حين يغرب ، لفظه واحد ومعناه الجمع سمى الكوكب نجماً لطلوعه وكلّ طالع نجم يقال : نجم السن والنبت والقرن إذا طلع .

وروى عكرمة عن ابن عباس أنها ما يرجم به الشياطين عند استراقهم السمع وقال أبو حمزة الثمالي : هي النجوم إذا انتثرت يوم القيامة وقيل : المراد بالنجم القرآن سمي نجماً لأنه نزل نجوماً متفرقة في عشرين سنة ويسمى التفريق تنجيماً والمفرّق منجما هذا قول ابن عباس في رواية عطاء ، وقال الكلبي : والهوى النزول من أعلى إلى أسفل وقال الأخفش : النجم هو النبت الذي لا ساق له ومنه قوله تعالى : { والنجم والشجر يسجدان } [ الرحمن : 6 ] وهويه سقوطه على الأرض .

وقال جعفر الصادق : يعني محمداً صلى الله عليه وسلم إذا نزل من السماء ليلة المعراج والهوى النزول يقال هوى يهوى هوياً والكلام في قوله تعالى : { والنجم } كالكلام في قوله تعالى { والطور } حيث لم يقل والنجوم والأطوار وقال : { والذاريات } [ الذاريات : 1 ] { والمرسلات } [ المرسلات : 1 ] كما مر .

تنبيه : أوّل هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها فإنه تعالى قال في آخر تلك { وإدبار النجوم } وقال تعالى في أوّل هذه : { والنجم إذا هوى } قال الرازي : والفائدة في تقييد القسم به في وقت هويه أنه إذا كان في وسط السماء يكون بعيداً عن الأرض لا يهتدي به الساري لأنه لا يعلم به المشرق من المغرب ولا الجنوب من الشمال ، فإذا نزل عن وسط السماء تبين بنزوله جانب المغرب عن المشرق والجنوب عن الشمال .