وقوله تعالى : { وآخرين منهم } فيه وجهان : أحدهما : أنه مجرور عطفاً على الأميين ، أي : وبعث في الآخرين من الأميين ، أي : الموجودين والآتين منهم بعدهم { لما } أي : لم { يلحقوا بهم } في السابقة والفصل والثاني : أنه منصوب عطفاً على الضمير المنصوب في يعلمهم ، أي : ويعلم آخرين لما يلحقوا بهم وسيلحقون ، وكل من تعلم شريعة محمد صلى الله عليه وسلم إلى آخر الزمان فرسول الله صلى الله عليه وسلم معلمه بالقوة ، لأنه أصل ذلك الخير العظيم والفضل الجسيم .
تنبيه : الذين لم يلحقوا بهم هم الذين لم يكونوا في زمنهم وسيجيئون بعدهم . قال عمر وسعيد بن جبير : هم العجم ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : «كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ : { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً ، قال : وفينا سلمان الفارسي ، قال : «فوضع النبي صلى الله علية وسلم يده على سلمان ثم قال : «لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله رجل من هؤلاء » وفي رواية «لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجال من فارس » أو قال : من أبناء فارس حتى يتناوله . وقال عكرمة : هم التابعون ، وقال مجاهد : هم الناس كلهم ، يعني : من بعد العرب الذين بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم وقال ابن زيد ، ومقاتل بن حبان : هم من دخل في الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة .
وروى سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن في أصلاب أمتي رجالاً ونساء يدخلون الجنة بغير حساب ، ثم تلا { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } » قال ابن عادل : والقول الأول أثبت . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «رأيتني أسقي غنماً سوداً ، ثم أتبعتها غنماً عقراً أولها يا أبا بكر ، قال : يا نبي الله أما السود فالعرب ، وأما العقر فالعجم تتبعك بعد العرب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذلك أولها الملك يعني جبريل عليه الصلاة والسلام » رواه ابن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه . { وهو } أي : والحال أنه وحده { العزيز } أي : الذي يقدر على كل ما أراده ، ولا يغلبه شيء فهو يزكي من يشاء ويعلمه ما أراد من أي طائفة كان ، ولو كان أجهل أهل تلك الطائفة لأن الأشياء كلها بيده { الحكيم } فهو إذاً أراد شيئاً موافقاً لشرعه وأمره جعله على أتقن الوجوه وأوثقها ، فلا يستطاع نقضه ومهما أراده كيف كان فلا بد من إنفاذه فلا يطاق ردة بوجه .
ولما كان هذا أمراً باهراً عظمه بقوله تعالى على وجه الاستثمار من قدرته : { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.