السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية ، وهي إحدى عشرة آية ، ومائة وثمانون كلمة ، وسبعمائة وعشرون حرفاً .

روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة » وعنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نحن الآخرون يوم القيامة ، ونحن أول من يدخل الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب الأول من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم فاختلفوا فهدانا الله تعالى لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له » وقال يوم الجمعة : «فاليوم لنا ، وغداً لليهود ، وبعد غد للنصارى » .

{ بسم الله } الذي أحاط علمه بكل معلوم فتم بيانه { الرحمن } الذي تمت نعمة بيانه فهو العظيم شأنه { الرحيم } الذي خص حزبه بالتوفيق فثبت عندهم حبه وإيمانه .

{ يسبح } أي : يوقع التنزيه الأعظم الأنهى الأكمل { لله } أي : الملك المحيط بكل شيء قدرة وعلماً { ما في السماوات } أي : من جميع الأشياء من الملائكة وغيرها كالأفلاك والنجوم { وما في الأرض } كذلك من الآدميين وغيرهم كالشجر والثمار ، وقيل : اللام مزيدة ، أي : ينزه الله وأتى بما دون من ، قال الجلال المحلي : تغليباً للأكثر ، ويحتمل أن يكون المراد بالسماء جهة العلو فيشمل السماء وما فيها ، وبالأرض جهة السفل فيشمل الأرض وما فيها { الملك } أي : الذي ثبت له جميع الكمالات ، فهو ينصر من يشاء من جنده ولو كان ذليلاً فيصبح ظاهراً { القدوس } أي : المنزه عما لا يليق به ، وعن إحاطة أحد من الخلق بعلمه وإدراك كنه ذاته فليس في أيدي الخلق إلا التردد في شهود أفعاله والتدبير لمفاهيم نعوته وجلاله وأحقهم بالقرب و العداد في حزبه المتخلق بأوصافه على قدر اجتهاده ، فينبغي للمؤمن التنزه عن أن يقول مالا يفعل ، أو يبني شيئاً من أموره على غير إحكام { العزيز } أي : الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء { الحكيم } أي : الذي يوقع كل ما أراد في أحكم مواقعه وأتمها وأتقنها .