{ إنّا } أي : على ما لنا من العظمة { أنذرناكم } أي : يا كفار مكة { عذاباً قريباً } أي : عذاب يوم القيامة الآتي وكل آت قريب ، وقوله تعالى : { يوم } ظرف لعذاباً بصفته { ينظر المرء } أي : كل امرئ سواء كان مؤمناً أو كافراً نظراً لا مرية فيه { ما } أي : الذي { قدمت يداه } أي : كسبه في الدنيا من خير وشرّ ، وقال الحسن رضي الله عنه : أراد بالمرء المؤمن أي : يجد لنفسه عملاً ، وأما الكافر فلا يجد لنفسه عملاً فيتمنى أن يكون تراباً ، ولأنه تعالى قال : { ويقول الكافر } فعلم أنه أراد بالمرء المؤمن وقيل : هو الكافر لقوله تعالى : { إنا أنذرناكم } فيكون الكافر ظاهراً وضع موضع الضمير لزيادة الذمّ . ومعنى { ما قدّمت يداه } من الشرّ كقوله تعالى : { ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق 9 ذلك بما قدمت يداك } [ الحج : 9 10 ] وما يجوز أن تكون استفهامية منصوبة بقدّمت أي : ينظر أي شيء قدّمت يداه أو موصولة منصوبة بينظر يقال : نظرته بمعنى نظرت إليه والراجع إلى الصلة محذوف .
وقال مقاتل رضي الله عنه : نزل قوله تعالى : { يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه } في أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، و { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } في أخيه الأسود بن عبد الأسد وقال الثعلبي : سمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : الكافر هنا إبليس ، وذلك أنه عاب آدم عليه السلام بأنه خلق من تراب وافتخر بأنه خلق من نار ، فإذا عاين يوم القيامة ما فيه آدم وبنوه من الثواب والراحة ورأى ما هو فيه من الشدّة والعذاب تمنى أنه كان بمكان آدم فيقول { يا ليتني كنت تراباً } . قال : ورأيته في بعض التفاسير .
قال البغويّ : قال أبو هريرة رضي الله عنه فيقول التراب : لا ولا كرامة لكل من جعلك مثلي . وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : يحشر الخلق كلهم من دابة وطائر وإنسان ثم يقال للبهائم والطير : كونوا تراباً ، فعند ذلك يقول الكافر { يا ليتني كنت تراباً } أي : فلا أعذب وقيل : معنى { يا ليتني كنت تراباً } أي : لم أبعث . وقال أبو الزناد : إذا قضي بين الناس وأمر بأهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار قيل لسائر الأمم ولمؤمني الجنّ : عودوا تراباً فيعودون تراباً فعند ذلك يقول الكافر حين يراهم : { يا ليتني كنت تراباً } ، وقال ليث بن أبي سليم مؤمنو الجنّ يعودون تراباً . وقال عمر بن عبد العزيز ومجاهد وغيرهما : مؤمنو الجنّ حول الجنة في ربض ورحاب وليسوا فيها ، والذي عليه الأكثر أنهم مكلفون مثابون ومعاقبون كبني آدم ، وقيل : يحشر الله تعالى الحيوان غير مكلف حتى يقتص للجماء من القرناء ثم يردّه تراباً فيودّ الكافر حاله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.