السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَۚ وَكُلّٞ كَانُواْ ظَٰلِمِينَ} (54)

{ كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم } أي : أهلكنا بعضهم بالرجفة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالحجارة وبعضهم بالريح وبعضهم بالمسخ ، كذلك أهلكنا كفار قريش بالسيف { وأغرقنا آل فرعون } أي : هو وقومه .

فإن قيل : ما فائدة تكرير هذه الآية مرّة ثانية ؟ أجيب : بأنّ فيها فوائد :

منها : إنّ الكلام الثاني يجري مجرى التفصيل للكلام الأوّل ؛ لأن الكلام الأوّل فيه ذكر أخذهم ، وفي الثاني ذكر إغراقهم وذلك تفصيل .

ومنها : أنه ذكر في الآية الأولى أنهم كفروا بآيات الله ، وفي الآية الثانية أنهم كذبوا بآيات ربهم ففي الآية الثانية إشارة إلى أنهم كذبوا بها مع جحودهم لها وكفرهم بها .

ومنها : أنّ تكرير هذه القصة للتأكيد ، ولما نيط به من الدلالة على كفران النعم بقوله : { بآيات ربهم } وبيان ما أخذ به آل فرعون .

ومنها : أنّ الأولى لسببية الكفر ، والثانية لسببية التغيير ، والنقمة بسبب تغييرهم ما بأنفسهم { وكل } أي : من الفرق المكذبة أو من غرقى القبط وقتلى قريش { كانوا ظالمين } أنفسهم بالكفر والمعاصي وغيرهم بالإضلال واضعين الآيات في غير موضعها وهم يظنون بأنفسهم العدل ، ولما وصف تعالى كل الكفار بقوله تعالى : { وكل كانوا ظالمين } .