السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (61)

ولما بيّن تعالى ما يرهب به العدوّ من القوّة ، والاستظهار بيّن جواز الصلح بقوله تعالى :

{ وإن جنحوا } أي : مالوا { للسلم } أي : الصلح { فاجنح } أي : فمل { لها } وعاهدهم ، وتأنيث الضمير في لها لحمل السلم مع أنه مذكر على ضدّه وهو الحرب قال الشاعر :

السلم تأخذ منها ما رضيت به *** والحرب يكفيك من أنفاسها جُرَعُ

فأنث ضمير السلم ، في تأخذ حملاً على ضدّه وهو الحرب ، وعن ابن عباس هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله } ( التوبة ، 29 )

وعن مجاهد بقوله تعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } ( التوبة ، 5 )

وقال غيرهما : الصحيح إنّ الأمر موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام ، وأهله من حرب أو سلم وليس بحتم أن يقاتلوا أبداً أو يجابوا إلى الهدنة أبداً وهذا ظاهر .

وقرأ شعبة بكسر السين ، والباقون بالفتح { وتوكل على الله } أي : فوض أمرك إليه فيما عقدته معهم ؛ ليكون عوناً لك في جميع أحوالك { إنه هو السميع } ؛ لأقوالهم فهو يسمع كل ما أبرموه في ذلك ، وفي غيره كما يسمعه علانية { العليم } بنياتهم فهو يعلم كل ما أخفوه كما إنه يعلم كل ما أعلنوه .