السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِن يُرِيدُوٓاْ أَن يَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَيَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (62)

{ وإن يريدوا } أي : الكفار { أن يخدعوك } أي : بإظهار الصلح ليستعدوا لك { فإن حسبك } أي : كافيك { الله هو الذي أيدك بنصره } في سائر أيامك ، فإن أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم من أوّل حياته إلى وقت وفاته كان أمراً إلهياً وتدبيراً علوياً ، وما كان لكسب الخلق فيه مدخل { و } أيدك { بالمؤمنين } أي : الأنصار .

فإن قيل : فإذا كان الله تعالى مؤيده بنصره ، فأيّ حاجة مع نصره تعالى إلى المؤمنين ؟ أجيب : بأن التأييد ليس إلا من الله تعالى دائماً لكنه على قسمين : أحدهما : ما يحصل من غير واسطة أسباب معلومة معتادة ، والثاني ما يحصل بذلك فالأوّل هو المراد من قوله تعالى : { أيدك بنصره } ، والثاني : هو المراد من قوله تعالى : { وبالمؤمنين } والله تعالى هو مسبب الأسباب ، وهو الذي أقامهم بنصره .