السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (46)

ثم قال تعالى مؤكداً لذلك :

{ وأطيعوا الله ورسوله } في سائر ما يأمران به ؛ لأنّ الجهاد لا ينفع إلا مع التمسك بسائر الطاعات { ولا تنازعوا } أي : تختلفوا فيما بينكم { فتفشلوا } أي : تجبنوا { وتذهب ريحكم } أي : قوّتكم ودولتكم ، والريح مستعارة للدولة شبهها في نفوذ أثرها بالريح ، ثم أدخل المشبه في جنس المشبه به ادعاء ، وأطلق اسم المشبه به على المشبه ، وقيل : المراد بها الحقيقة ؛ لأنه لم يكن قط نصر إلا بريح يبعثها الله تعالى ، وفي حديث الشيخين «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور » ، وعن النعمان بن مقرن قال : «شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا لم يقاتل من أوّل النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر » أخرجه أبو داود { واصبروا } أي : عند لقاء العدوّ ولا تنهزموا عنه { إنّ الله مع الصابرين } بالنصر والمعونة .

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدوّ واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السيوف ) ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) .