غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَۚ وَكُلّٞ كَانُواْ ظَٰلِمِينَ} (54)

50

ثم ذكر مرة أخرى قوله { كدأب آل فرعون } وفي التكرير بعد التأكيد فوائد استنبطها العلماء منها أن الثاني كالتفصيل للأول لأن الإغراق كالبيان للأخذ بالذنوب . ومنها أن الأول لعله في حال الموت والثاني لما بعد الموت . قلت : ويشبه أن يكون بالعكس لأن الإهلاك والإغراق بحال الموت أنسب . ومنها أن الأول إخبار عن عذاب لم يمكن الله أحداً من فعله وهو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم . والثاني إخبار عن عذاب مكن الناس من فعل مثله وهو الإهلاك والإغراق . ومنها أن المراد في الأول { كدأب آل فرعون } فيما فعلوا وفي الثاني { كدأب آل فرعون } فيما فُعل بهم فهم فاعلون في الأول ومفعولون في الثاني . ومنها أن المراد بالأول كفرهم بالله ، وبالثاني تكذيبهم الأنبياء لأن التقدير : كذبوا الرسل برد آيات ربهم . ومنها أن يجعل الضمير في { كفروا } و{ كذبوا } لكفار قريش أي كفروا بآيات الله كدأب آل فرعون ، وكذبوا بآيات ربهم كدأب آل فرعون . ومنها أن الأول إشارة إلى أنهم أنكروا دلائل الإليهة فكان لازمه الأخذ ، والثاني إشارة إلى أنهم أنكروا دلائل التربية والإحسان فكان لازمه الإهلاك والإغراق . ثم ختم الآية بقوله { وكل كانوا ظالمين } أي وكل واحد من غرقى القبط وقتلى قريش وممن قبلهم من الكفرة كانوا ظالمي أنفسهم بالكفر والمعاصي ، وظالمي غيرهم بالإيذاء والإيحاش ، فلا جرم دمرهم الله بسبب ظلمهم .