ولما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الفداء من الأسارى وثق عليهم أخذ أموالهم منهم ذكر الله تعالى هذه الآية استمالاً لهم ، فقال عز من قائل :
{ يا أيها النبيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى } قرأ أبو عمرو بضم الهمزة وفتح السين بعدها ألف ، والباقون بفتح الهمزة وسكون السين ولا ألف بعدها ، وأمال الألف بعد الراء أبو عمرو وحمزة والكسائي محضة ، وورش بين بين { إن يعلم الله في قلوبكم خيراً } أي : خلوص إيمان وصحة نية { يؤتكم خيراً مما أخذ منكم } من الفداء ، قال ابن عباس : نزلت في العباس وعقيل بن أبي طالب ، ونوفل بن الحرث كان العباس أسيراً يوم بدر ، ومعه عشرون أوقية من الذهب أخرجها ليطعم الناس فكان أحد العشرة الذين ضمنوا الطعام لأهل بدر ، فلم تبلغه النوبة حتى أسر ، فقال العباس : كنت مسلماً إلا أنهم ألزموني فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن يكن ما تذكره حقاً فالله يجزيك وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا ) قال العباس : وكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك ذلك الذهب لي فقال : ( أما شيء خرجت به تستعين به علينا فلا ) قال : فكلفني فداء ابن أخي عقيل بن أبي طالب عشرين أوقية ، وفداء نوفل بن الحارث فقال العباس : تركتني يا محمد أتكفف قريشاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فأين ما دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة ، وقلت لها ما أدري ما يصيبني ، فإن حدث بي ما حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل وقثم فقال العباس : وما يدريك يا ابن أخي ؟ قال : «أخبرني به ربي » فقال العباس : أنا أشهد أنك صادق وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك عبده ورسوله والله لم يطلع عليه أحد إلا الله ولقد دفعته إليها في سواد الليل ولقد كنت مرتاباً في أمرك فأما إذ أخبرتني بذلك فلا ريب ، قال العباس : فأبدلني الله خيراً من ذلك لي الآن عشرون عبداً وإن أدناهم ليضرب في عشرين ألفاً وأعطاني زمزم وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة ، وأنا أنتظر المغفرة من ربي ) .
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفاً فتوضأ لصلاة الظهر وما صلى حتى فرقه ، وأمره العباس أن يأخذ منه فأخذ منه ما قدر على حمله وكان يقول : هذا خير مما أخذ مني وأنا أرجو المغفرة من ربكم يعني الدعوة بقوله تعالى : { ويغفر لكم والله غفور رحيم } واختلف المفسرون في أنّ الآية نزلت في العباس خاصة أو في جملة الأسارى قال بعضهم : إنها نزلت في الكل قال الرازي : وهذا أولى ؛ لأنّ ظاهر الآية يقتضي العموم من ستة أوجه :
أحدها : قوله تعالى : { قل لمن في أيديكم } .
وثانيها : قوله تعالى : { من الأسرى } .
وثالثها : قوله تعالى : { إن يعلم الله في قلوبكم خيراً } .
ورابعها : قوله تعالى : { يؤتكم خيراً } .
وخامسها : قوله تعالى : { مما أخذ منكم } .
وسادسها : قوله تعالى : { ويغفر لكم } فدلت هذه الألفاظ الستة على العموم فما الموجب للتخصيص أقصى ما في الباب أن يقال : سبب نزول هذه الآية هو العباس إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.