السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقُلِ ٱعۡمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (105)

{ وقل اعملوا } أي : وقل لهم أو للناس يا محمد اعملوا ما شئتم { فسيرى الله عملكم } فإنه لا يخفى عليه شيء خيراً كان أو شرّاً ، فيه ترغيب عظيم للمطيعين ووعيد عظيم للمذنبين فكأنه قال : اجتهدوا في العمل في المستقبل فإنّ الله تعالى يرى أعمالكم ويجازيكم عليها { و } يرى أيضاً { رسوله والمؤمنون } أعمالكم ، أما رؤية النبيّ صلى الله عليه وسلم فبإطلاع الله إياه على أعمالكم ، وأما رؤية المؤمنين فبقذف الله تعالى في قلوبهم من محبة الصالحين وبغض المفسدين { وستردّون إلى عالم الغيب والشهادة } أي : وسترجعون يوم القيامة إلى من يعلم سرّكم وعلانيتكم ولا يخفى عيه شيء من أعمال بواطنكم وظواهركم { فينبئكم } أي : فيخبركم { بما كنتم تعملون } من خير وشر فيجازيكم على أعمالكم .

واعلم أن الله تعالى قسم المتخلفين عن الجهاد ثلاثة أقسام :

أوّلهم : المنافقون الذين مردوا على النفاق .

والثاني : التائبون وهم المرادون بقوله تعالى :

{ وآخرون اعترفوا بذنوبهم } وبين أنه تعالى قبل توبتهم .