فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقُلِ ٱعۡمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (105)

قوله : { وَقُلِ اعملوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمؤمنون } فيه تخويف وتهديد : أي إن عملكم لا يخفى على الله ، ولا على رسوله ولا على المؤمنين ، فسارعوا إلى أعمال الخير ، وأخلصوا أعمالكم لله عزّ وجلّ ، وفيه أيضاً ترغيب وتنشيط ، فإن من علم أن عمله لا يخفى سواء كان خيراً أو شرّاً رغب إلى أعمال الخير ، وتجنب أعمال الشرّ ، وما أحسن قول زهير :

ومهما تكن عند امرئ من خليقة *** وإن خالها تخفى على الناس تعلم

والمراد بالرؤية هنا : العلم بما يصدر منهم من الأعمال ، ثم جاء سبحانه بوعيد شديد فقال : { وَسَتُرَدُّونَ إلى عالم الغيب والشهادة } أي : وستردّون بعد الموت إلى الله سبحانه ، الذي يعلم ما تسرّونه وما تعلنونه ، وما تخفونه وما تبدونه . وفي تقديم الغيب على الشهادة : إشعار بسعة علمه عزّ وجلّ ، وأنه لا يخفى عليه شيء ، ويستوي عنده كل معلوم . ثم ذكر سبحانه ما سيكون عقب ردّهم إليه فقال : { فَيُنَبّئُكُمْ } أي : يخبركم { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدنيا ، فيجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، ويتفضل على من يشاء من عباده .

/خ106